أسفه منكم إنا معشر العرب لا نستعبد بعضنا بعضا فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى، فكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض فإن هذا الأمر لا يستقيم فيكم ولا يصنعه أحد، واني لم آتكم ولكن دعوتموني، العوم علمت أنكم مغلبون، وأن ملكا لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول. فقالت السفلة: صدق والله العربي، وقالت الدهاقين: والله لقد رمن بكلام لا تزال عبيدنا ينزعون إليه قاتل الله أولينا حين كانوا يصغرون أمر هذه الأمة!
ثم تكلم رستم فحمد قومه وعظم أمرهم وقال: لم نزل متمكنين في البلاد ظاهرين على الأعداء، أشرافا في الأمم فليس لأحد مثل عزنا وسلطاننا ننصر عليهم ولا ينصرون علينا إلا اليوم، واليومين، والشهر للذنوب، فإذا انتقم الله منا ورضي علينا رد لنا الكرة على عدونا، ولم يكن في الأمم أمة أصغر عندنا أمرا منكم كنتم أهل قشف ومعيشة سيئة لا نراكم شيئا وكنتم تقصدوننا إذا قحطت بلادكم فنأمر لكم بشيء من التمر، والشعير، ثم نردكم، وقد علمت أنه لم يحملكم على ما صنعتم إلا الجهد في بلادكم فأنا آمر لأميركم بكسوة وبغل، وألف درهم، وأمر لكل منكم بوقر تمر وتنصرفون عنا فإني لست أشتهي أن أقتلكم.
فتكلم المغيرة فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الله خالق كل شيء ورازقه فمن صنع شيئا فإنما هو بصنعه، وأما الذي ذكرت به نفسك وأهل بلادك فنحن نعرفه فالله صنعه بكم ووضعه فيكم وهو له دونكم، وأما الذي ذكرت فينا من سوء الحال والضيق والاختلاف فنحن نعرفه ولسنا ننكره والله