فقال أبو عبيد: لا حاجة لنا فيه، بئس المرء أبو عبيد إن صحب قوما من بلادهم استأثر عليهم بشيء، ولا والله لا آكل ما أتيتم به ولا مما أفاء الله إلا مثل ما يأكل أوساطهم. فلما هزم الجالينوس أتوه بالأطعمة أيضا فقال: ما آكل هذا دون المسلمين فقالوا له: ليس من أصحابك أحد إلا وقد أتي بمثل هذا فأكل حينئذ.
ذكر وقعة الجالينوس ولما بعث رستم الجالينوس أمره أن يبدأ بنرسي، ثم يقاتل أبا عبيد فبادره أبو عبيد إلى نرسي فهزمه، وجاء الجالينوس فنزل بباقسياثا من باروسما فسار إليه أبو عبيد وهو على تعبيته فالتقوا بها فهزمهم المسلمون وهرب الجالينوس، وغلب أبو عبيد على تلك البلاد، ثم ارتحل حتى قدم الحيرة، وكان عمر قد قال له: (إنك تقدم على أرض المكر! والخديعة والخيانة والجبرية، تقدم على قوم تجرأوا على الشر فعلموه، وتناسوا. الخير فجهلوه، فانظر كيف تكون؟ واحرز لسانك، ولا تفشين سرك فإن صاحب السر ما يضبطه متحصن لا يؤتى من وجه يكرهه، وإذا ضيعه كان بمضيعة.