انتهى شرفه، وقتل من الفرس مقتلة عظيمة يبلغون ثلاثين ألفا سوي من غرق، ومنعت المياه المسلمين من طلبهم، وقسم الفيء وأنفذ الأخماس إلى المدينة وأعطى الأسلاب من سلبها، وكانت الغنيمة عظيمة وسبى عيالات المقاتلة، وأخذ الجزية من الفلاحين وصاروا ذمة، وكان في السبي أبو الحسن البصري، وكان نصرانيا، وأمر على الجند سعيد بن النعمان، وعلى الحرز سويد بن مقرن المزني، وأمره بنزول الحفير، وأقام يتجسس الأخبار.
ذكر وقعة الولجة ولما فرغ خالد من الثني وأتى الخبر أردشير بعث الأندرزغر وكان فارسا من مولدي السواد، وأرسل بهمن جاذويه في أثره في جيش وحشر إلى الأندرزغر من بين الحيرة وكسكر، ومن عرب الضاحية، والدهاقين، وعسكروا بالولجة، وسمع بهم خالد فسار إليهم من الثني فلقيهم بالولجة، وكمن له، فقاتلهم قتالا شديدا أشد من الأول حتى ظن الفريقان أن الصبر قد فرغ واستبطأ خالد كمينه [وكان قد وضع لهم كمينا في ناحيتين عليهم بسر بن أبي رهم؛ وسعيد بن مرة العجلي] فخرجوا من ناحيتين فانهزمت صفوف الأعاجم وأخذ خالد من بين أيديهم، والكمين من خلفهم، فقتل منهم خلقا كثيرا، ومض الأندرزغر منهزما فمات عطشا، وأصاب خالد ابنا لجابر بن بجير وابنا لعبد الأسود من بكر بن وائل، وكانت وقعة الولجة في صفر وبذل الأمان للفلاحين فعادوا وصاروا ذمة، وسبي ذراري المقاتلة ومن أعانهم.