رأسه فطرح سائسه ودلى مشفره فضربه القعقاع فرمى به ووقع لجنبه وقتلوا من كان عليه، وحمل حمال، والزبيل الأسديان على الفيل الأخر فطعنه حمال في عينه فأقعى ثم استوى، وضربه الزبيل فأبان مشفره وبصر به سائسه فبقر أنفه وجبينه بالطبرزين فأفلت الزبيل جريحا فبقي الفيل جريحا متحيرا بين الصفين كلما جاء صف المسلمين وخزوه وإذا أتى صف المشركين نخسوه، وولى الفيل وكان يدعى الأجرب، وقد عور حمال عينيه فألقى نفسه في العتيق فاتبعته الفيلة فخرقت صف الأعاجم فعبرت في أثره فأتت المدائن في توابيتها وهلك من فيها. فلما ذهبت الفيلة وخلص المسلمون والفرس ومال الظل تزاحف المسلمون فاجتلدوا حق أمسوا وهم على السواء، فلما أمسى الناس اشتد القتال وصبر الفريقان فخرجا على السواء.
ذكر ليلة الهرير وقتل رستم قيل: إنما سميت بذلك لتركهم الكلام إنما كانوا يهرون هريرا. وأرسل سعد طليحة وعمرا ليلة الهرير إلى مخاضة أسفل العسكر ليقوما عليها خشية أن يأتيه القوم منها. فلما أتياها قال طليحة: لو خضنا وأتينا الأعاجم من خلفهم. قال عمرو: بل نعبر أسفل فافترقا، وأخذ طليحة وراء العسكر وكبر ثلاث تكبيرات، ثم ذهب وقد ارتاع أهل فارس وتعجب المسلمون وطلبه الأعاجم فلم يدركوه.