فلما وصل رستم القادسية وقف على العتيق بحيال عسكر سعد، ونزل الناس فما زالوا يتلاحقون حتى اعتموا من كثرتهم والمسلمون ممسكون عنهم، وكان مع رستم ثلاثة وثلاثون فيلا منها فيل سابور الأبيض، وكانت الفيلة تألفه فجعل في القلب ثمانية عشر فيلا، وفي المجنبتين خمسة عشر فيلا. فلما أصبح رستم من تلك الليلة ركب وسار من العتيق نحو خفان حتى أتى على منقطع عسكر المسلمين ثم صد حتى انتهى إلى القنطرة فتأمل المسلمين ووقف علن موضع يشرف منه عليهم ووقف على القنطرة، وأرسل إلى زهرة فواقفه فأراده علي أن يصالحه ويجعل له جعلا على أن ينصرفوا عنه من غير أن يصرح له بذلك بل يقول له: كنتم جيراننا وكنا نحسن إليكم، ونحفظكم، ويخبره عن صنيعهم مع العرب.
فقال له زهرة: ليس أمرنا أمر أولئك، إنا لم نأتكم لطلب الدنيا إنما طلبتنا وهمتنا الآخرة وقد كنا كما ذكرت إلى أن بعث الله فينا رسولا فدعانا إلى ربه فأجبناه فقال لرسوله: اني قد سلطت هذه الطائفة علن من لم يدن بديني فأنا منتقم بهم منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به وهو دين الحق لا يرغب عنه أحد إلا ذل، ولا يعتصم به أحد إلا عز.
فقال له رستم: ما هو؟ قال؛ أما عموده الذي لا يصلح إلا به فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال: وأي شيء أيضا؟ قال؛ وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، والناس بنو آدم وحواء إخوة لأب وأم قال: ما أحسن هذا؟ [ثم] قال رستم: أرأيت إن أجبت إلى هذا ومعي قومي كيف يكون أمركم؟ أترجعون؟ قال: أي والله. قال: صدقتني والله، أما إن أهل فارس منذ ولي أردشير لم يدعوا أحدا يخرج من عمله من السفلة، وكانوا يقولون: إذا خرجوا من أعمالهم تعدوا طورهم وعادوا اشرافهم. فقال له زهرة: نحن خير الناس للناس فلا نستطيع أن نكون كما تقولون بل نطيع الله