في السفلة ولا يضرنا من عصى الله فينا.
فانصرف عنه ودعا رجال فارس فذاكرهم هذا فأنفوا، فأرسل إلى سعد أن ابعث إلينا رجلا نكلمه ويكلمنا. فدعا سعد جماعة ليرسلهم إليهم فقال له ربعي بن عامر: متى نأتهم جميعا يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل.
فأرسله وحده، فسار إليهم فحبسوه على القنطرة وأعلم رستم بمجيئه فأظهر زينته، وجلس على سرير من ذهب، وبسط البسط، والنمارق، والوسائد المنسوجة بالذهب، وأقبل ربعي على فرسه وسيفه في خرقه ورمحه مشدود بعصب وقد، فلما انتهى إلى البسط قيل له: انزل فحمل فرسه عليها ونزل، وربطها بوسادتين شقهما وأدخل الحبل فيهما فلم ينهوه وأروه التهاون وعليه درع وأخذ عباءة بعيره فتدرعها وشدها على وسطه فقالوا: ضع سلاحك. فقال: لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني. فأخبروا رستم فقال: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه ويقارب خطوه فلم يدع لهم نمرقا ولا بساطا إلا أفسده وهتكه، فلما دنا من رستم جلس على الأرض وركز رمحه على البسط لقيل له: ما حملك على هذا؟ قال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم فقال له ترجمان رستم واسمه عبود من أهل الحيرة ما جاء بكم؟ قال: الله جاء بنا وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلف سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه فمن قبله قبلنا منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه دوننا، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى الجنة أو الظفر. فقال رستم: قد سمعنا قولكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه؟ قال: نعم، وإن مما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا نمتهن الأعداء أكثر من ثلاث فنحن مترددون عنكم ثلاثا فانظر في أمرك واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل: إما الإسلام