قتلنا رستما وبنيه قسرا * تثير الخيل فوقهم الهيالا الأبيات، وكان سعد قد تزوج سلمى امرأة المثنى بن حارتة الشيباني بعده بشراف، فلما جال الناس يوم أرماث وكان سعد لا يطيق الجلوس جعل سعد يتململ جزعا فوق القصر، فلما رأت سلمى ما يصنع الفرس قالت: وامثيناه ولا مثنى للخيل اليوم، قالت ذلك عند رجل صخر مما يرى في أصحابه ونفسه فلطم وجهها، وقال: أين المثنى عن هذه الكتيبة التي تدور عليها الرحا يعني أسدا وعاصما. فقالت: أغيرة وجبنا فقال: والله لا يعذرني اليوم أحد إن لم تعذريني وأنت ترين ما بي! فتعلقها الناس لم يبق شاعر إلا اعتد بها عليه، وكان غير جبان ولا ملوم.
ذكر يوم أغواث ولما أصبح القوم وكل سعد بالقتلى والجرحى من ينقلهم فسلم الجرحى إلى النساء ليقمن عليهم، وأما القتلى فدفنوا هنالك على مشرق وهو واد بين العذيب وعين الشمس. فلما نقل سعد القتلى والجرحى طلعت نواصي الخيل من الشام، وكان فتح دمشق قبل القادسية، فلما قدم كتاب عمر على أبي عبيدة بن الجراح بإرسال أهل العراق سيرهم وعليهم هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو التميمي، فتعجل القعقاع فقدم على الناس صبيحة هذا اليوم وهو يوم أغواث: وقد عهد إلى أصحابه أن يتقطعوا أعشارا وهم ألف كلما بلغ عشرة مدى البصر سرحوا عشرة فقدم أصحابه في عشرة فأتى الناس فسلم عليهم وبشرهم بالجنود، وحرضهم على القتال، وقال: اصنعوا كما أصنع، وطلب البراز فقالوا فيه: يقول أبو بكر: