باب المدائن، ارجعوا إلى صاحبكم فاعلموه أني مرسل إليه رستم حتى يدفنه ويدفنكم معه في خندق القادسية [وينكل به وبكم]، ثم أورده بلادكم حتى أشغلكم بأنفسكم بأشد مما نالكم من سابور.
فقام عاصم بن عمر وليأخذ التراب، وقال: أنا أشرفهم، أنما سيد هؤلاء فحمله علن عنقه وخرج إلى راحلته فركبها وأخذ التراب وقال لسعد: أبشر، فوالله لقد أعطانا الله أقاليد ملكهم.
واشتد ذلك على جلساء الملك، وقال الملك لرستم وقد حضر عنده من ساباط: ما كنت أرى أن في العرب مثل هؤلاء، ما أنتم بأحسن جوابا منهم، ولقد صدقني القوم لقد وعدوا أمرا في ركنه أو ليموتن عليه، على أني وجدت أفضلهم أحمقهم حيث حمل التراب على رأسه. فقال رستم: أيها الملك إنه أعقلهم، وتطير إلى ذلك وأبصرها دون أصحابه. وخرج رستم من عند الملك غضبان كئيبا، وبعث في أثر الوفد وقال لثقته: إن أدركهم الرسول تلافينا أرضنا، وإن أعجزه سلبكم الله أرضكم. فرجع الرسول من الحيرة بفواتهم فقال: ذهب القوم بأرضكم من غير شك. وكان منجما كاهنا.
وأغار سواد بن مالك التميمي بعد مسير الوفد إلى يزدجرد على النجاف والفراض فاستاق ثلاثمائة دابة من بين بغل، وحمار، وثور وأوقرها سمكا وصبح العسكر فقسمه سعد بين الناس وهذا يوم الحيتان وكانت السرايا تسري لطلب اللحوم فإن الطعام كان كثيرا عندهم فكانوا يسمون الأيام بها يوم الأباقر، ويوم الحيتان، وبعث سعد سرية أخرى فأغاروا فأصابوا إبلا لبني تغلب والنمر واستاقوها ومن فيها فنحر سعد الإبل وقسمها في الناس فأخصبوا، وأغار عمرو بن الحارث على النهرين فاستاق مواشي كثيرة وعاد.
وسار رستم من ساباط وجمع آلة الحرب وبعث على مقدمته الجالينوس في أربعين ألفا، وخرج هو في ستين ألفا ، وفي ساقته عشرون ألفا، وجعل