و كان في معزل: (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) وكان كافرا؛ (قال: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء)، وكان عهد الجبال وهي حرز وملجأ فقال نوح: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين). وعلا الماء على رؤوس الجبال فكان على أعلا جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا فهلك ما على وجه الأرض من حيوان وبنات فلم يبق إلا نوح ومن معه والأعوج بن عنق فيما زعم أهل التوراة وكان بين إرسال الماء وبين أن غاض ستة أشهر وعشر ليال.
قال ابن عباس: أرسل الله المطر أربعين يوما فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والطين إلى نوح وسخرت له فحمل منها كما أمره الله فركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وكان ذلك لثلاث عشرة خلت من آب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم فلذلك صام من صام يوم عاشوراء وكان الماء نصفين نصفا من السماء ونصفا من الأرض وطافت السفينة بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي وهو جبل بقردى بأرض الموصل فاستقرت عليه فقيل عند ذلك: (بعدا للقوم الظالمين).