وحيث لم يعاينوا الروحانيين تقربوا إليهم بالهياكل وهي الكواكب السبعة السيارة لأنها مدبرة لهذا العالم عندهم ثم ذهبت طائفة منهم وهم أصحاب الأشخاص حيث رأوا أن الهياكل تطلع وتغرب وترى ليلا ولا نهارا إلى وضع الأصنام لتكون نصب أعينهم ليتوسلوا بها إلى الهياكل والهياكل إلى الروحانيين والروحانيون إلى صانع العالم. فهذا كان أصل وضع الأصنام أولا وقد كان أخيرا في العرب من هو على هذا الاعتقاد قال تعالى: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى). فقد حصل من عبادة الأصنام مذهب الصابئين والكفر والفواحش وغير ذلك من المعاصي.
فلما تمادى قوم نوح على كفرهم وعصيانهم بعث الله إليهم نوحا يحذرهم بأسه ونقمته ويدعوهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق والعمل بما أمر الله تعالى وأرسل نوح وهو ابن خمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما.
وقال عون بن شداد: إن الله تعالى أرسل نوحا وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة وقيل غير ذلك وقد تقدم.
قال ابن إسحاق وغيره: إن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لي ولقومي فإنهم لا يعلمون! حتى