إذا تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة وتطاول عليه وعليهم الشأن اشتد عليه البلاء وانتظر النجل بعد النجل فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله حتى إن كان الآخر ليقول قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا مجنونا لا يقبلون منه شيئا وكان يضرب ويلف ويلقى في بيته يرون أنه قد مات فإذا أفاق اغتسل وخرج إليهم يدعوهم إلى الله فلما طال ذلك عليه ورأى الأولاد شرا من الآباء قال: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن تلك لك فيهم حاجة فاهدهم وإن يك غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم فيهم فأوحى إليه: (أنه لن يؤمن قومك إلا من قد آمن) فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) إلى آخر القصة. فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم أوحى الله إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون. فأقبل نوح على عمل الفلك ولها عن دعاء قومه وجعل يهيء عتاد الفلك من الخشب والحديد والقار وغيرها مما لا يصلحه سواه وجعل قومه يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه فيقول (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون) قال: ويقولون قد صرت نجارا بعد النبوة. وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهم وصنع الفلك من خشب الساج وأمره أن يجعل طوله ثمانين ذراعا وعرضه خمسين ذراعا وطولها في السماء ثلاثين ذراعا.
وقال