فإنهم إن ظفروا بك عيروك وقتلوك وولدك.
فاحتملها يوسف النجار بها إلى أرض مصر فلما وصلا إلى تخوم مصر أدركها المخاض فلما وضعت وهي محزونة قيل لها (لا تحزني) الآية إلى (إنسيا) فكان الرطب يتساقط عليها وذلك في الشتاء وأصبحت الأصنام منكوسة على رؤوسها وفزعت الشياطين فجاؤوا إلى إبليس فلما رأى جماعتهم سألهم فأخبروه فقال قد حدث في الأرض حادث فطار عند ذلك وغاب عنهم فمر بالمكان الذي ولد فيه عيسى فرأى الملائكة محدقين به فعلم أن الحدث فيه ولم تمكنه الملائكة من الدنو من عيسى فعاد إلى أصحابه وأعلمهم بذلك وقال لهم ما ولدت امرأة إلا وأنا حاضر وإني لأرجو أن أضل به أكثر ممن يهتدي واحتملته مريم إلى أرض مصر فمكث اثنتي عشرة سنة تكتمه من الناس فكانت تلتقط السنبل والمهد في منكبيها.
قلت والقول الأول في ولادته بأرض قومها للقرآن أصح لقول الله تعالى (فأتت به قومها تحمله) وقوله (كيف نكلم من كان في المهد صبيا).
وقيل إن مريم حملت المسيح إلى مصر بعد ولادته ومعها يوسف النجار وهي الربوة التي ذكرها الله تعالى وقيل الربوة دمشق وقيل بيت المقدس وقيل غير ذلك فكان سبب ذلك الخوف من ملك بني إسرائيل وكان من الروم واسمه هيردوس فإن اليهود أغروه بقتله فساروا إلى مصر وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة إلى أن مات ذلك الملك وعادوا إلى الشام وقيل إن هيردوس لم يرد قتله ولم يسمع به إلا بعد رفعه وإنما خافوا اليهود عليه والله أعلم