(وآتيناه الحكم صبيا) قيل إنه قال له يوما الصبيان أمثاله يا يحيى اذهب بنا نلعب فقال لهم ما للعب خلقت.
وكان يأكل العشب وأوراق الشجر وقيل كان يأكل خبز الشعير ومر به إبليس ومعه رغيف شعير فقال أنت تزعم أنك زاهد وقد ادخرت رغيف شعير فقال يحيى يا ملعون هو القوت فقال إبليس إن الأقل من القوت يكفي لمن يموت فأوحى الله إليه اعقل ما يقول لك.
ونبىء صغيرا فكان يدعو الناس إلى عبادة الله ولبس الشعر فلم يكن له دينار ولا درهم ولا مسكن يسكن إليه أينما جنه الليل أقام ولم يكن له عبد ولا أمة واجتهد في العبادة فنظر يوما إلى بدنه وقد نحل فبكى فأوحى الله إليه يا يحيى أتبكي لما نحل من جسمك وعزتي وجلالي لو اطلعت في النار اطلاعة لتدرعت الحديد عوض الشعر فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه وبدت أضراسه للناظرين. فبلغ ذلك أمه فدخلت عليه وأقبل زكريا ومعه الأحبار فقال يا بني ما يدعوك إلى هذا قال أنت أمرتني بذلك حيث قلت إن بين الجنة والنار عقبة لا يجوزها إلا البكاؤن من خشية الله فقال فابك واجتهد إذن فصنعت له أمه قطعتي لبد على خديه تواري أضراسه فكان يبكي حتى يبلهما وكان زكريا إذا أراد أن يعظ الناس نظر فإن كان يحيى حاضرا لم يذكر جنة ولا نارا.
وبعث الله عيسى رسولا نسخ بعض أحكام التوراة فكان مما نسخه أنه حرم نكاح بنت الأخ وكان لملكهم واسمه هيرودس بنت أخ تعجبه