فلما كان اليوم الذي لقيها فيه جبريل نفذ ماؤها فقالت ليوسف ليذهب معها إلى الماء فقال عندي من الماء ما يكفيني إلى غد فأخذت قلتها وانطلقت وحدها حتى دخلت المغارة فوجدت جبرائيل قد مثله الله لها بشرا سويا، فقال لها: يا مريم إن الله قد بعثني إليك (لأهب لك غلاما زكيا) قالت (أنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) أي مطيعا لله وقيل هو اسم رجل بعينه وتحسبه رجلا (قال إنما أن رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا) أي زانية (قال كذلك قال ربك) إلى قوله (أمرا مقضيا).
فلما قال ذلك استسلمت لقضاء الله فنفخ في جيب درعها ثم انصرف عنها وقد حملت بالمسيح وملأت قلتها وعادت وكان لا يعلم في أهل زمانها أعبد منها ومن ابن عمها يوسف النجار وكان معها وهو أول من أنكر حملها فلما رأت الذي بها استعظمته ولم يدر على ماذا يضع ذلك منها فإذا أراد أن يتهمها ذكر صلاحها وأنها لم تغب عنه ساعة قط وإذا أراد أن يبرئها رأى الذي بها فلما اشتد ذلك عليه كلمها فكان أول كلامه لها أن قال لها إنه قد وقع من أمرك شيء قد حرصت على أن أميته وأكتمه فغلبني فقلت قل قولا جميلا فقال حدثيني هل ينبت زرع بغير بذر قالت نعم قال فهل ينبت شجر بغير غيث يصيبه قالت نعم قال فهل يكون