ولو كنت بذلك موقنا لم تحمل على نفسك في الطلب.
وقالت زوجته روشنك ما كنت أحسب أن غالب دارا يغلب فان الكلام الذي سمعت منكم فيه شماتة فقد خلف الكأس الذي شرب به ليشربه الجماعة وقالت أمه حين بلغها موته لئن فقدت من ابني أمره لم يفقد من قلبي ذكره.
فهذا كلام الحكماء فيه مواعظ وحكم حسنة فلهذا أثبتها.
ومن حيل الإسكندر في حروبه أنه لما حارب دارا خرج إلى بين الصفين وأمر مناديا فنادى يا معشر الفرس قد علمتم ما كتبتم إلينا وما كتبنا إليكم من الأمان فمن كان منكم على الوفاء فليعتزل فإنه يرى منا الوفاء فاتهمت الفرس بعضها بعضا واضطربوا.
ومن حيله أنه تلقاه ملك الهند بالفيلة فنفرت خيل أصحابه عنها فعاد عنه وأمر باتخاذ فيلة من نحاس وألبسها السلاح وجعلها مع الخيل حتى ألفتها ثم عاد إلى الهند فخرج إليهم ملك الهند فأمر الإسكندر بتلك الفيلة فملئت بطونها من النفط والكبريت وجرت على العجل إلى وسط المعركة ومعها جمع من أصحابه فلما نشبت الحرب أمر باشعال النار في تلك الفيلة فلما حميت انكشف أصحابه عنها وغشيتها فيلة الهند فضربتها بخراطيمها فاحترقت وولت هاربة راجعة على الهند فانهزموا بين يديها.
ومن حيله أنه نزل على مدينة حصينة وكان بها كثير من الأقوات وبها عيون ماء فعاد عنها فأرسل إليها قوما على هيئة التجار ومعهم أمتعة يبيعونها وأمرهم بمشترى الطعام والمغالاة في ثمنها فإذا صار عندهم أحرقوه وهربوا.
ففعلوا ذلك وهربوا إليه فأنفذ السرايا إلى سواد تلك المدينة وأمرهم بالغارة مرة بعد أخرى فهربوا ودخلوا البلد ليحتموا به فسار الإسكندر إليهم فلم يمتنعوا عليه.