وكان ملكه أربع عشرة سنة وقتل دارا في السنة الثالثة من ملكه وبنى اثنتي عشرة مدينة منها أصبهان وهي التي يقال لها جي ومدينة هراة ومرو وسمرقند وبنى بالسواد مدينة لروشنك ابنة دارا وبأرض اليونان مدينة وبمصر الإسكندرية.
فلما مات الإسكندر أطاف به من معه من الحكماء اليونانيين والفرس والهند وغيرهم فكان يجمعهم ويستريح إلى كلامهم فوقفوا عليه فقال كبيرهم ليتكلم كل واحد منكم بكلام يكون للخاصة معزيا وللعامة واعظا ووضع يده على التابوت وقال أصبح آسر الأسراء أسيرا وقال آخر هذا الملك كان يخبأ الذهب فقد صار الذهب يخبؤه وقال آخر ما أزهد الناس في هذا الجسد وما أرغبهم في التابوت وقال آخر من أعجب العجب أن القوي قد غلب والضعفاء لاهون مغترون وقال آخر هذا الذي جعل أجله ضمارا أو جعل أمله عيانا هلا باعدت من أجلك لتبلغ بعض أملك بلا هلا خففت من أملك بالامتناع من وفور أجلك وقال آخر أيها الساعي المنتصب جمعت ما خذلك عند الاحتياج إليه فغودرت عليك أوزاره وقارفت آثامه فجمعت لغيرك واثمه عليك وقال آخر قد كنت لنا واعظا فما وعظتنا موعظة أبلغ من وفاتك فمن كان له معقول فليعقل ومن كان معتبرا فليعتبر وقال آخر رب هائب لك يخافك من ورائك وهو اليوم بحضرتك ولا يخافك وقال آخر رب حريص على سكوتك إذ لا تسكت وهو اليوم حريص على كلامك إذ لا تتكلم وقال آخر كم أماتت هذه النفس لئلا تموت وقد ماتت وقال آخر وكان صاحب كتب الحكمة قد كنت تأمرني أن لا أبعد عنك فاليوم لا أقدر على الدنو منك وقال آخر هذا يوم عظيم أقبل من شره ما كان مدبرا وأدبر من خيره ما كان مقبلا فمن كان