في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما). يقول ما مكني ربي فيه خير من خرجكم ولكن أعينوني بالقوة والقوة الفعلة والصناع والآلة التي يبنى بها فقال (آتوني زبر الحديد) أي قطع الحديد فأتوه بها فحفر الأساس حتى بلغ الماء ثم جعل الحديث والحطب صفوفا بعضها فوق بعض (حتى إذا ساوى بين الصدفين) وهما جبلان أشعل النار في الحطب فحمى الحديد وأفرغ عليه القطر وهو النحاس المذاب فصار موضع الحطب وبين قطع الحديد فبقي كأنه برد محبر من حمرة النحاس وسواد الحديد وجعل أعلاه شرفا من الحديد فامتنعت يأجوج ومأجوج من الخروج إلى البلاد المجاورة لهم قال الله تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا).
فلما فرغ من أمر السد دخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي والشمس جنوبية فلهذا كانت ظلمة وإلا فليس في الأرض موضع إلا تطلع الشمس عليه أبدا فلما دخل الظلمات أخذ معه أربعمائة من أصحابه يطلب عين الخلد فسار فيها ثمانية عشر يوما ثم خرج منها ولم يظفر بها وكان الخضر على مقدمته فظفر بها وسبح فيها وشرب منها والله أعلم.
ورجع إلى العراق فمات في طريقه بشهرزور بعلة الخوانيق وكان عمره ستا وثلاثين سنة في قول ودفن في تابوت من ذهب مرصع بالجواهر وطلي بالصبر لئلا يتغير وحمل إلى أمه بالإسكندرية.