ومع المقصرين وانهم لأكياس أتقياء ولكنهم لا يستكثرون لله عز وجل الكثير ولا يرضون له القليل ولا يدلون عليه بالأعمال فهم أينما لقيتهم خائفون مهيمون وجلون.
فلما سمع أيوب كلامه قال إن الله يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير والكبير فمتى كانت في القلب ظهرت على اللسان ولا تكون الحكمة من قبل السن والشيبة ولا طول التجربة وإذا جعل الله تعالى عبدا حكيما عند الصبا لم تسقط منزلته عند الحكام ثم قال أقبل على الثلاثة فقال رهبتم قبل أن تسترهبوا وبكيتم قبل أن تضربوا كيف بكم لو قلت لكم تصدقوا عني بأموالكم لعل الله أن يخلصني أو قربوا قربانا لعل الله أن يتقبل ويرضى عني وأنكم قد أعجبتكم أنفسكم فظننتم أنكم عوفيتم بإحسانكم فبغيتم وتعزرتم لو صدقتم ونظرتم بينكم وبين ربكم لوجدتم لكم عيوبا سترها الله بالعافية وقد كنت فيما خلا والرجال يوقرونني وأنا مسموع كلامي معروف من حقي مستنصف من خصمي فأصبحت اليوم وليس لي رأي ولا كلام معكم فأنتم أشد علي من مصيبتي.
ثم أعرض عنهم وأقبل على ربه مستغيثا به متضرعا اليه فقال رب لأي شيء خلقتني ليتني إن كرهتني لم تخلقني يا ليتني كنت حيضة ملقاة وياليتني عرفت الذنب الذي أذنبت فصرفت وجهك الكريم عني لو كنت أمتني فالموت أجمل بي أم أكن للغريب دارا وللمسكين قرارا ولليتيم وليا