ثلاثة نفر على دينه اسم أحدهم يلدد والآخر اليفر والثالث صافر فانطلقوا اليه وهو في البلاد فبكتوه أشد تبكيت وقالوا له لقد أذنبت ذنبا ما اذنبه أحد فلهذا لم يكشف العذاب عنك وطال الجدال بينهم وبينه فقال فتى كان معهم لهم كاملا يرد عليهم فقال قد تركتم من القول أفضل أحسنه ومن الرأي أصوبه ومن الأمر أجمله وقد كان لأيوب عليكم من الحق والذمام أفضل من الذي وصفتم فهل تدرون حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم ومن الرجل الذي عبتم أم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته من خلقه يومكم هذا ثم لم تعلموا ولم يعلمكم الله أنه سخط شيئا من أمره ولا أنه نزع شيئا من الكرامة التي أكرم الله بها عباده ولا أن أيوب فعل غير الحق في طول ما صحبتموه فإن كان البلاء هو الذي أزرى به عندكم ووضعه في نفوسكم وقد علمتم ان الله يبتلي النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وليس بلاؤه لأولئك دليلا على سخطه عليهم ولا على هوانهم عليه ولكنها كرامة وخبرة لهم وأطال في هذا النحو من الكلام.
ثم قال لهم: وقد كان في عظمة الله وجلاله وذكر الموت ما يكل ألسنتكم ويكسر قلوبكم ويقطع حجتكم ألم تعلموا أن لله عبادا أسكتتهم خشيته عن الكلام من غير عي ولا بكم وانهم لهم الفصحاء الألباء العالمون بالله وآياته ولكنهم إذا ذكروا عظمة اله انكسرت قلوبهم وانقطعت ألسنتهم وطاشت أحلامهم وعقولهم فزعا من الله وهيبة له فإذا أفاقوا استبقوا إلى الله بالأعمال الزكية يعدون أنفسهم مع الظالمين وانهم لا برار،