فتعذر ذلك عليه ثم سار وهو مغموم لما دار من الحريق في القصر يريد الموصل ونفذت كتب الوزير ابن القاسم عن المقتدر إلى جميع من في الغرب من القواد كبنى حمدان وابن طغج صاحب دمشق وإلى تكين صاحب مصر وإلى ولاة ديار ربيعة والجزيرة وآذربيجان وملوك أرمينية والثغور الجزرية والشامية يأمرهم بأخذ الطرق على مونس ويلبق وولده وزعفران ومن كان معهم ومحاربتهم والقبض عليهم وبلغ ذلك مونسا فغمه الامر وكتمه عن جميع من كان معه وسار إلى تكريت وقد انصرف عنه أكثر من كان معه ثم إن مونسا فكر في أمره والى أين تكون توجهه فلم يجد في نفسه أوثق عنده ولا أشكر ليده من بنى حمدان فإنه كان عند ذكره إياهم يقول هم أولادي وأنا أظهرتهم وكانت له عند حسين ابن حمدان وديعة فأراد أن يجتاز به ويأخذها ويسير بها إلى الرقة وقد كان بلغه تجمع بنى حمدان وحشدهم لمحاربته فلم يصدق ذلك ثقة منه بهم فرحل عن تكريت إلى بنى حمدان بعد أن شاور من حضره في الطرق التي يأخذ عليها فأشارت عليه طائفة بقطع البرية والخروج إلى هيت ثم المسير إلى شط الفرات وقال يلبق وزعفران لمونس الصواب مسيرك إلى الموصل كيف تصرفت الحال لوجوه من المصالح أما واحدة فلعجزك عن ركوب البرية فتتعجل الرفاهية في الماء وأخرى لئلا يقال جزع لما بلغه خبر بنى حمدان وتجمعهم وثالثة أنك إن بليت بقتالهم كانوا أسهل عليك من غيرهم فوقع هذا الرأي من مونس بالموافقة وسار يريد بنى حمدان فلم يلق لهم في طريقه رسولا ولاسمع لهم خبرا إلى أن وافى عليه بشرى النصراني كاتب أبى سليمان داود بن حمدان فاستأذن عليه يوم السبت لليلة بقيت من المحرم وخلا بمونس وأدى إليه رسالة صاحبه ورسالة الحسين بن حمدان وأبى العلاء وأبى السرايا بأنهم على شكره ومعرفة حق يده ولكنهم لا يدرون كيف الخلاص مما وقعوا فيه فان أطاعوا سلطانهم كانوا قد كفروا نعمة مونس إليهم وان أطاعوا مونسا وعصوا سلطانهم نسبوا إلى الخلعان وسألوه أن يعدل عن بلدهم لئلا يلتقوا به ولا يمتحنوا بحربه فقال له
(١١٨)