وفتح السجن وحورب الموكلون عليه وأيدتهم العامة على ذلك فخرج يمن الأعور وأخذ رجلا من العامة وضربه بالسياط وصلبه فتفرق العوام وزاد أمر الجند شغبا وجدا فأرسل القاهر إليهم ليس عندي مال والمال عند يلبق وأوصى القاهر إلى مونس إما أن يرضى يلبق الرجال ويكفهم عنى وإلا اعتزلت فليس على هذا الشرط تقلدت * وقدم ابن مقلة بغداد لتسع خلون من ذي الحجة وخلع عليه وقعد ودفع إلى الجيش الذي بالحضرة عن البيعة لكل واحد منهم رزقا واحدا وللجند أصحاب مونس ثلاثة أرزاق لكل واحد ثم إن ابن مقلة بسط يده على الناس فأخذ أموالهم وقبض على عيسى الطبيب فأخذ أملاكه ثم بدأ في بيع أملاك السلطان وأخذ المال من حيث لاح له وابتدأ بانشاء داره وأدخل فيها من بستان الزاهر نحو عشرين جريبا ونقض دور بنى المقتدر واستولى ابن يلبق وحاشية مونس على القاهر حتى صار لا يجوز له أمر ولانهى الا على أهل بيته وأولاد المقتدر المحبوسين عنده قال وكان القاهر مستهترا بالشراب لا يكاد يفيق منه فإذا شرب اقبل إلى أولاد المقتدر والى الراضي وإخوة وكان قد أخذهم وضمهم إلى دار تعرف بالفاخر وأحضر أبا أحمد بن المكتفى واعتقله معهم فكان القاهر يدخل عليهم بالليل ويتخلق لأولاد المقتدر ولأبي أحمد بن المكتفى ويسقيهم بيده وكان يقول للراضي أنت المرشح للامر والمسمى له ثم يومى إليه بحربة كانت في يده وربما قفع أصابعه بقضيب كان معه والراضي في كل ذلك لا يخضع له ولا يقبل يده والمقادير تدفعه عنه وأقام علي بن يلبق وهو الحاجب يفتش جميع ما يدخل الدار على القاهر في كل ذلك يزداد غضبا وكمدا ثم إن الراضي دس إلى يلبق وابنه وأهدى إليهما جوهرا وعرفهما أنه وإخوته خائفون على أنفسهم من القاهر وسألهما تخليص هؤلاء المحبوسين من يده فأجمع رأى يلبق وابنه على تخليصهم وقعد يلبق في بعض العشايا في بعض مجالس الدار وأخرجهم على غيبة وأخرج الجدة معهم وكان القاهر قد سامها سوء العذب وطالبها بالأموال فوجه بهم إلى داره وأفرد لهم موضعا في دار حرمه وماتت الجدة بها فكفنها في أحسن كفن ودفنها بشارع الرصافة (وفيها)
(١٢٩)