ثم دخلت سنة 309 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها زاد شغب الناس ببغداد على حامد بن العباس الوزير بسبب غلاء الأسعار حتى صاروا إلى حد الخلعان وحاربهم السلطان عند باب الطاق وركب هارون ابن غريب الخال ونازوك وياقوت وغيرهم بعد أن فتحت العامة السجون ووثبوا على ابن درهم خليفة صاحب المعونة وأرادوا قتله حتى حماه بعضهم فلما رأى ذلك حامد بن العباس دخل إلى المقتدر فقال له لعبدك حوائج إن رأيت قضاءها له أكدت بذلك انعامك عليه قال أفعل فما هي قال أولها فسخ ضماني فقد جاء من العامة ما ترى وظنوا أن هذا الغلاء من جهتي فأجاب المقتدر إلى ذلك وسأله أن يأذن له في الشخوص إلى واسط لينفذ عماله بما فيها من الأطعمة إلى بغداد فأجابه إلى ذلك وسأله أن يعفيه من الوزارة فلم يجبه إلى ذلك فشخص حامد إلى واسط ولم يبق غاية في حمل الأطعمة حتى صلح أمر الأسعار ببغداد ثم قدم في غرة شهر ربيع الآخر فتلقاه الناس وشكروا فعله وقد كان المقتدر عرض على علي بن عيسى الوزارة فأباها فكساه ووصله وأعطاه سوادا يدخل به عليه كما يفعل الوزير فاستعفي من ذلك ولم يفارق الدراعة * وفى هذه السنة زحف ثمل الفتى إلى الإسكندرية فأخرج عنها قائد الشيعة ورجال كتامة وألفى لهم بها سلاحا كثيرا وأثاثا ومتاعا وأطعمة فاحتوى على الجميع وأطلق كل من كان في سجنهم ثم أقبل ممدا لمونس واجتمعا بفسطاط مصر وزحفا إلى الفيوم لملاقاة أبى القاسم الشيعي ومناجزته ومعهما جنى الصفواني وغيره من القواد فجعل مونس يقصر المحلات فعوتب على ذلك فقال لهم إنكم إنما تمشون في طرق المنايا فلعل الله صرفهم عنا ويكفينا أمرهم كما فعل قبل هذا فلقى جنى الصفواني بعض قواد أبى القاسم فهزمه وقتل كثيرا ممن كان معه وانهزم الباقون إلى أبى القاسم فراعه أمرهم وقفل عن الفيوم منصرفا إلى أفريقية لليلة بقيت من صفر وحمل ما خلف من أمتعته وأحرق الباقي بالنار وأخذ على طريق قليلة الماء فهلك كثير من رجاله عطشا
(٥٩)