مونس من بغداد وان قد تم له ما أراد وقع فيما تكره فكثر عليه الشغب واشتدت مطالبة الجند له بالأموال وخيب الله ظنه فيما أراد ولازمه الحشم في دار الخليفة ملازمة قبيحة وأهانوه وأهانوا الخليفة بسببه فثقل على قلب المقتدر ولم يزل يقاسى منه كل صعب وذلول فأمر بالقبيض عليه في عقب ربيع الآخر وولى الفضل بن جعفر بن الفرات مكانه وقد كان مشهورا عند الخاص والعام بالفضل والعلم والكتابة وترك الهزل واللهو وكان هو وأبو الخطاب من خيار آل الفرات فلما صارت إليه الوزارة أظهر الحب له والرغبة فيها فعجب الناس من ذلك وقال فيه بعض الشعراء أتطمع في الذي أعيا ابن مقله * وقد أعيا على الوزراء قبله وأدبر أمر من ولاك حتى * لما نرجو مع الادبار مهله كأنك بالحوادث قد توالت * عليك وجاءك المكروه جمله ولما خلع على الفضل بن جعفر سار في خلعه إلى الدار التي بسوق العطش فعطش في الطريق واستسقى ماء فشربه فأنكر ذلك عليه إذ لم يكن في رسم من تقدمه. وفى مستهل جمادى الأولى اجتمع أهل الثغور والجبال إلى دار السلطان واستنفروا الناس ببغداد وذكروا ما ينالهم من الديلم والروم وأن الخراج إنما يؤخذ منهم ومن غيرهم ليصان به عامة الناس ويدفع عدوهم عنهم وأنهم قد ضاعوا وضاعت ثغورهم واستطال عليهم عدوهم ورققوا القلوب بهذا وأشباهه فثار الناس معهم وساروا إلى الجامع بمدينة المنصور وكسرو ادرابزين المقصورة وأعواد المنبر ومنعوا من الخطبة ووثبوا بحمرة الخطيب ورجموه حتى أدموه وسلخوا وجهه وجروا برجله وقالوا يا فاجر تدعو لرجل لا ينظر في أمور المسلمين قد اشتغل بالغناء والزنا عن النظر في أمور الحرمين والثغور يفرق مال الله في أعداء الله ولا يخاف عقابا ولا ينتظر معادا فلم يزالوا في هذه الحال إلى وقت صلاة العصر وفعلوا بعد ذلك مثل فعلهم الأول في أول جمادى الآخرة ونهضوا إلى باب الوزير الفضل بن جعفر وراموا كسره فرموا بالسهام من أعلى
(١٢١)