فلما نظر إليهم ابن كيغلغ قال لمن حوله أوقعوا عيني على الاشكرى فأروه إياه فقصده وحده وكان الديلمي شديد الخلق فلما نظر إليه مقبلا سأل عنه فقيل له هذا ابن كيغلغ فبرز كل واحد منهما لصاحبه ورمى الديلمي أبا العباس بن كيغلغ بمزراق كان في يده فأنفذ ما كان يلبسه ووصل إلى خفه فأنفذ عضلة ساقه وأثبتها في نداد سرجه فحمل عليه ابن كيغلغ وضربه بسيفه على أم رأسه فانصرع عن دابته وأخذ رأسه وتوجه به بين يديه فتفرق أصحاب الديلمي وتراجع أصحاب ابن كيغلغ ودخل أصبهان والرأس قدامه فوضع أهل المدينة سيوفهم ورماحهم في الديالمة الذين حصلوا بها فقتلوا عن آخرهم ونزل ابن كيغلغ في داره واستقام أمره وحسن أثره عند المقتدر وأعجب الناس ما ظهر من شجاعته وبأسه مع كبر سنه * ولعشر بقين من شعبان ورد الخبر بأن القرامطة صاروا إلى الكوفة ونزلوا المصلى العتيق وعسكروا به وأقاموا وسارت قطعة منهم في مائتي فارس فدخلوا الكوفة وأقاموا بها خمسة وعشرين يوما مطمئنين يقضون حوائجهم وقتلوا بها خلقا كثيرا من بنى نمير خاصة واستبقوا بنى أسد ونهبوا اهراء فيها غلات كثيرة للسلطان وغيره * وفى هذه السنة وصل زكرى الخراساني إلى عسكر سليمان بن أبي سعيد الجنابي فجاز له عليهم من الحيلة والمخرقة ما افتضحوا به وعبدوه ودانوا له بكل ما أمرهم به من تحليل المحارم وسفك الرجل دم أخيه وولده وذوي قرابته وغيرهم وكان السبب في وصوله إليهم أن القرامطة لما انتشروا في سواد الكوفة وانتهوا إلى قصر ابن هبيرة فأسروا جماعة من الناس كانوا يستعبدون من يأسرونه ويستخدمونهم وكان له عرفاء على كل طائفة منهم فأسر زكرى هذا فيمن أسر وملكه بعض العرفاء المترأسين عليهم فلما أراد الاستخدام به تمنع عليه وأسمعه ما كره فلما نظر إلى قوة كلامه وجرأته هابه وأمسك عنه وأنهى خبره إلى الجنابي سليمان فأحضره من وقته وخلابه وسمع كلامه ففتنه ودان له وأمر أصحابه بأن يدينوا له ويتبعوا أمره وحمله في قبة وستره عن الناس وشغل خبره القرامطة وانصرفوا به راجعين إلى بلادهم وهم يعتقدون أنه يعلم الغيب ويطلع على ما في
(١١٣)