فكفاه الله إياه بسعايتنا في صرفه عنه فحلف لهما المقتدر أنه ما هم بسوء فيهما قط ولا يفعل مكروها بأحدهما ما بقيا فقوى أمر نصر وتأيد بمونس وضعف أمر الوزير عبد الله بن محمد واعتل ولزم بيته فكان الناس يد لون عليه وهو لقى وتولى أعماله ونظره عبيد الله بن محمد الكلواذاني صاحب ديوان السواد وبنان النصراني كاتبه ومالك بن الوليد النصراني وكان إليه ديوان الدار وابن القناني النصراني وأخوه وكان إليه ديوان الخاصة وبيت المال وابنا سعد حاجباه ومما أوهن أمر الوزير وكرهه إلى الناس غلاء الأسعار في زمانه ولم يكن عنده مادة من حيلة يكثر بها ورود المير إلى بغداد وكان مما أشار إليه نصر عند مكالمته للمقتدر بما كان يدار عليه ويسعى فيه من الوثوب عليه ولم يشرح ذلك له أن بعض القواد واطؤا قوما من الاعراب على أن يقعدوا عند ركوب الخليفة إلى الثريا بالقرب من طريقه فإذا وازاهم وثبوا من ثلم كانت تهدمت في سور الحلبة وأوقعوا به ثم يخرجون ويحكمون على أنهم شراه فكان نصر حينئذ قد أراد كشف ذلك للمقتدر وشاور من وثق به فيه فقال له لا تفعل فلست بآمن ألا يتضح الامر للخليفة فتوحشه وترعبه ثم يصير من اتهم بهذا عدوا لك وساعيا عليك ولكن امنعه الركوب إلى الثريا حتى تبنى ثلم السور وإن عزم على الركوب استعددت بالغلمان والعدة وألزمتهم تلك المواضع المخوفة وعملت مع هذا في استئلاف كل من سمى لك من هؤلاء القواد ومن تابعهم على مذهبهم فمن كان منهم متعطلا من ولاية وليته ومن كان مستزيدا زدته ومن كان خائفا آمنته وإن أمكنك تفريقهم في الأعمال فرقتهم فيها وكان نصر رجلا عاقلا فعمل برأي من أشار عليه بهذا وسعى في ولاية بعض القوم فأخرج واحدا إلى سواد الكوفة وأخرج آخر إلى ديار ربيعة ولما صفت الحال بين نصر ومؤنس واستألف نصر ثمل القهرمانة وكانت متمكنة من المقتدر وظهر من أمر الوزير عبد الله بن محمد ما ظهر تكلموا في عزله وشاوروا في رجل يصلح للوزارة مكانه فمالت ثمل برأيها وعنايتها إلى أحمد الخصيبي وكان يكتب لام المقتدر وساعدها نصر على ذلك حتى تم له وصح عزم المقتدر عليه
(٨٧)