ثم دخلت سنة 317 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فيها ثار بالمقتدر بعض قواده وخلعوه وهتك الجند داره ونهبوا ماله ثم أعيد إلى الخلافة وجددت له البيعة وذلك أن مؤنسا المظفر لما قدم من الرقة عند إخراجه إلى القرامطة وقرب من بغداد لقيه عبد الله بن حمدان ونازوك الحاجب فأغرياه بالمقتدر وأعلماه بأنه يريد عزله عن الامارة وتقديم هارون بن غريب مكانه لما تقدم ذكره من عزل المقتدر لابن حمدان عن الدينور مع استفساده إلى نازوك فعمل ذلك في نفس مونس ودخل بغداد أول يوم من المحرم وعدل إلى داره ولم يمض إلى دار الخليفة فوجه إليه المقتدر أبا العباس ولده ومحمد بن مقلة وزيره فأعلماه تشوقه إليه ورغبته في رؤيته فاعتذر بعلة شكاها وان تخلفه لم يكن الا بسببها فأرجف الناس بتكرهه الاقبال إليه وتجمعت الرجالة المصافية الملازمة بالحضرة إلى باب داره فواثبهم أصحابه ودافعوهم ووقع بنفس مونس أن الذي فعله الرجالة انما كان عن أمر المقتدر فخرج من الدار وجلس في طيار وصار إلى باب الشماسية وعسكر وتلاحق به أصحابه وخرج إليه نازوك في جميع جيشه فعسكر معه وذلك يوم الأحد لتسع خلون من المحرم ولما بلغ المقتدر ذلك ارتاع له ووعده بإخراج هارون بن غريب إلى الثغر وبذل له كل ما رجا به استمالته وإذهاب وحشته وكتب المقتدر إلى مونس وأهل الجيش كتابا كان فيه واما نازوك فلست أدرى سبب عتبه واستيحاشه فوالله ما أعنت عليه هارون حين حاربه ولا قبضت يده حين طالبه والله يغفر له سوء ظنه واما عبد الله بن حمدان فلا أعرف شيئا أحفظه الا عزله عن الدينور وما كنا عرفنا رغبته فيها وانما أردنا نقله إلى ما هو أجل منها وما لاحد عندي إلا ما أحب لنفسه فان أربدبى نقض البيعة فإني مستسلم لأمر الله غير مسلم حقا خصى الله به وأفعل ما فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا ألزم نفسي حجة ولا آتي في سفك الدماء
(٩٧)