بالأمور ونهض بها واستصلح إلى الخاصة والعامة وتحبب إليها ولولا التحكم عليه في كثير من الأمور لكان الناس معه في عيش رغد ولكن أمه وغيرها من حاشيته كانوا يفسدون كثيرا من أمره (وفى هذه السنة) كانت وقعة عج بن حاج مع الجند بمنى في اليوم الثاني من أيام منى وقتل بينهم جماعة وهرب الناس الذين كانوا بمنى إلى بستان ابن عامر وانتهب الجند مضرب أبى عدنان وأصاب المنصرفين من الحاج في منصرفهم ببعض الطريق عطش حتى مات منهم جماعة قال الطبري سمعت بعض من يحكى أن الرجل كان يبول في كفه ثم يشربه (وحج) بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك ثم دخلت سنة 296 ذكر ما دار في هذه السنة من أخبار بنى العباس فمن ذلك ما كان من اجتماع جماعة من القواد والكتاب والقضاة على خلع جعفر المقتدر وكانوا قد تناظروا وتآمروا عند موت المكتفى على من يقدمونه للخلافة وأجمع رأيهم على عبد الله بن المعتز فأحضروه وناظروه في تقلدها فأجابهم إلى تولى الامر على أن لا يكون في ذلك سفك دماء ولا حرب فأخبروه أن الامر يسلم إليه عفوا وأن من وراءهم من الجند والقواد والكتاب قد رضوا به فبايعهم على ذلك سرا وكان الرأس في هذا الامر العباس بن الحسن الوزير ومحمد بن داود ابن الجراح وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضي وغيرهم فخالفهم على ذلك العباس ونقض ما كان عقده معهم في أمر ابن المعتز وأحب أن يختبر أمر المقتدر وإن كان فيه محمل للقيام بالخلافة مع حداثة سنه وكيف يكون حاله معه وعلم أن تحكمه عليه سيكون فوق تحكمه على غيره فصدهم عن ابن المعتز وأنفذ عقد البيعة للمقتدر على ما تقدم ذكره ثم إن المقتدر أجرى الأمور مجراها في حياة المكتفى وقلد العباس جميعها وزاده في المنزلة والحظوة وصير إليه الامر والنهى فتغير العباس على القواد واستخف بهم واشتد كبره على الناس واحتجابه عنهم واستخفافه بكل صنف منهم وكان قبل ذلك صافي
(١٨)