القرمطي وكتب إليه نصر الحاجب بالاستعجال والبدار فسلك الفرات في خاصته وأسرع في مسيره ووصل إلى بغداد في غرة شهر ربيع الأول ذكر التقبض على ابن الفرات وابنه وقتلهما وفى يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر ربيع الآخر قبض على علي بن محمد بن الفرات الوزير واختفى المحسن ابنه فاشتد السلطان في طلبته وعزم على تفتيش منازل بغداد كلها بسببه وأمر بالنداء بهدر دم من وجد عنده وأخذ ماله وهدم داره وتشدد على الناس في ذلك التشدد الذي لم يسمع بمثله فجاء من أعطى نصرا الحاجب خبره ودله على موضعه فوجه بالليل من كبسه وأخذه وقد تشبه بالنساء وحلق لحيته وتقنع فأتى به على هيئته وفى زيه لم تغير له حال وضرب في الليل بالدبادب ليعلم الناس أنه قد أخذ وغدت العامة إلى دار الخليفة ليروه وتكاثر الناس وازدحموا للنظر إليه وهو في ذلك الزي الذي وجد عليه ثم أحضر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله الخاقاني فاستوزر وأقعد وخلع عليه للوزارة فاستوزر منه رجل قد تكهل وفهم وجرب وفارق ما كان عليه في أيام أبيه من الحداثة وغلب عليه الوقار والسكينة وكان مونس الخادم هو الذي أشار به وزين أمره وحض المقتدر على استيزاره فأول ما قعد نصب لمناظرة ابن الفرات وولده ومحاسبتهما رجلا يعرف بابن نقد الشر فتشدد عليهما في الأموال فلم يذعنا إلى شئ إذ علما أنهما تالفان وكان في أول ضمهما قد دسسا إلى من تضمن عنهما مالا عظيما على أن يحبسا في دار السلطان ولا ينطلق عليهما أيدي أعدائهما فهم المقتدر بذلك وأصغى إليه فاجتمع الرؤساء مونس وشفيع اللؤلؤي ونصر وشفيع المقتدري ونازوك وكلهم عدو لابن الفرات ومطالب له فسعوا في إحالة رأى الخليفة عن ضمه إلى الدار وتقدموا إلى الغلمان بأن يشغبوا ويحملوا السلاح ويقولوا قد عزم السلطان أن يستوزر ابن الفرات مرة رابعة لا نرضى إلا بقتله على عظيم ما أحدث في الملك وأفسد من الأمور وأتلف من الرجال ففعلوا وكتب شفيع اللؤلؤ إلى المقتدر وكان صاحب البريد والثقة في ايراد الاخبار يشنع عليه
(٨٣)