لتسمعن أنت وصاحبك في هذا المجلس ما لم ينفذ بمسامعكما مثله قط، ثم تكلم ثابت وذكر من عظمة الله وسلطانه وقدرته ما الله أهله، ثم ذكر به وألحق، فساق الامر حتى انتهى إلى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: والذي بعث محمدا بالحق لئن لم تدخل أنت وصاحبك وقومكما في دين الله الذي أكرم به رسول الله وهدانا له ليطأن بلادكم بالخيل والرجال نصرا لله ولرسوله ولدينه، ثم ليقتلن الرجال وليسبين النساء والذرية، وليأخذن المال حتى يكون فيئا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال الأقرع:
أنت تقول ذاك يا ثابت؟ قال: نعم، والذي بعث محمدا بالحق، ثم سكت - (ثم قالوا: يا محمد ايذن لشاعرنا، فأدن له، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد) (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: أنشدهم، فأنشدهم حسان ثم سكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأقرع وعيينة: قد سمعنا ما قلتما وسمعتما ما قلنا، فخرجا، فلما خلوا أخذ أحدهما بيد صاحبه، قال الأقرع لعيينه: أسمعت ما سمعت، ما سكت حتى ظننت أن سقف البيوت سوف يقع علينا، فقال عيينة أوجدت ذلك؟ والله لقد تكلم شاعرهم فما سكت حتى أظلم علي البيت وحيل بيني وبين النظر إليك، وقال الأقرع: إن لهذا الرجل لشأنا، ثم دخلا بعد ذلك في الاسلام وكانا من المؤلفة قلوبهم. فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقرع مائة ناقة. وأعطى عيينة مائة ناقة، فقال العباس بن مرداس (2) رضي الله عنه فيما أعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.