غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، وسبا يومئذ جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وكان من شأن عائشة رضي الله عنها. بلغنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم ساهم بين نسائه في غزوة بني المصطلق أيتهن تخرج معه. فخرج سهم عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فخرج بهما معه، فلما قفلوا من غزاتهم، وكان بينهم وبين المدينة ليلتان، مال رحل أم سلمة فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها (1)، ثم جعل الهودج فيوضع على البعير ثم يشد عليه، فلما غيروا رحل أم سلمة نزلت عائشة لحاجة كانت لها، فسقطت قلادة كانت في عنقها من جزع أظفار يمانية، فرجعت تلتمسها فوجدت القوم قد ذهبوا، وظنوا أنها في الهودج، قالت عائشة: فقلت في نفسي: لو اضطجعت في مكاني لعلهم يفقدوني فيلتمسوني، فمر بها رجل من قريش يقال له صفوان بن المعطل، وكان في ساقة القوم، فنادى بها: أيها النائم - وهو يحسبني رجلا - فرفعت رأسي - وقد كان رآني قبل الحجاب - فاسترجع، ثم أناخ بعيره فعقل يديه جميعا، ثم قال يا أمه إذا استويت عليه فآذنيني، فلما استويت عليه آذنته، فأخذ برأس الجمل، ولم يكلمني حتى جاء بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما ارتفع النهار، فقال عبد الله ابن أبي بن سلول: ما تخلفت إلا لكذا وكذا، وأعانه على قول مسطح ابن أثاثة وحسان بن ثابت وامرأة أخرى (2). قالت عائشة رضي الله عنها: وقدمنا المدينة فكثر القول في الناس في شأني، وكان رجلان
(٣١٩)