ذلك غير جيد، لأن قوله " الأقرب تسليمه " صريح في ذلك، وليس مقابل الأقرب بمناف له، لأن غرضه الرد على الشيخ، فمقابل الأقرب قول الشيخ، فما ذكره غير واضح.
قلت: الظاهر أن مبنى الصراحة التي ادعاها هو ما ذكرنا، لكن قد يرد عليه أنه لا بد من البناء المزبور، إذ الاتفاق على المعاوضة على المنافع غير كاف، ضرورة عدم تصور التسليم فيها بغير الاكمال، بناء على أنها نفس الأعمال، وإنما يتصور التسليم في الصفات التي تتولد من الأفعال في الأعيان، بتسليم العين الموصوفة.
نعم يرد على ذلك ما سمعته سابقا من كون التحقيق أن المملوك بالإجارة والذي قوبل بالمال الأعمال التي يتولد منها الصفات، لا الصفات والأعمال مقدمة من العامل إلى تحصيلها، حتى تكون هي العوض والمعوض، فيجري عليها حكم التقابض والحبس.
ومن الغريب أن المحقق الثاني أنكر البناء المزبور عليه، وقرره هو في تلف العين من العامل بعد العمل من غير تفريط بالنسبة إلى استحقاق الأجرة وعدمها، فإنه قال أولا في وجه إشكال الفاضل في ذلك أنه ينشأ من أن الإجارة معاوضة، وحق المعاوضة حصول العوضين معا للمتعاوضين، لتحقق كون كل منهما في مقابلة الآخر وقد انتفى ذلك في أحدهما فانتفت المقابلة، فوجب الانفساخ لتعذر مقتضى العقد، ومن أن المستأجر عليه وهو العمل قد حصل، فوجبت الأجرة بفعله، فإذا تلف بتلف العين بغير تفريط كان تلفه من المالك.
ويضعف بأن المستأجر عليه وإن العمل، لكنه قوبل بالأجرة على طريق المعاوضة، فما دام لا يتحقق بتسليمه لم يتحقق معنى المعاوضة.
ثم قال ثانيا: " وربما بنى ذلك على أن القصارة عين أو أثر، فإن قلنا أنها عين سقطت أجرته، كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل القبض، وإن قلنا هي أثر لم تسقط الأجرة، وتنقيحه أن القصارة إن كانت كالأموال في أنها تعد مالا فالحكم