ومن الغريب بعد ذلك كله ما في الرياض حيث أنه بعد أن حكى عن الكفاية ترجيح ذلك استنادا إلى قوله تعالى (1) " إلا أن تكون تجارة عن تراض " قال: " وهو كما ترى، إذ ليس المستفاد منه إلا الجواز مع الرضا، وهو لا يستلزم اللزوم مع فقده ولو بعدها، كما هو المدعى، مع أنه مخصص بما مضى، مضافا إلى ما دل (2) على النهي عن التجارة المتضمنة للغرر، والجهالة، ومنها مفروض المسألة كما مر إليه الإشارة، وبه صرح في الغنية، فقال، بعد الاستناد إلى الاجماع: ولعله لا يسلم إلا ما قد عينه، فيبقي رب الأرض والنخل بلا شئ وقد يعطب إلا غلة ما عينه، فيبقي العامل بلا شئ.
إذ لا يخفى عليك ما فيه من عدم انحصار الدليل في الآية التي يكفي في المطلوب دلالتها على الجواز والمشروعية، واللزوم يستفاد حينئذ من آية (3) " أوفوا " وغيرها وليس فيما مضى ما يصلح مخصصا، إذ ليس إلا دعوى شرعيتها على خلاف ذلك، وقد عرفت منعها على مدعيها، وأن الاطلاقات والعمومات تكفي في اثبات شرعيتها على الوجه المزبور، ولا نهي عن مطلق الغرر على وجه يشمل هذه المعاملة التي هي مبنية عليه.
وما في الغنية ظاهر في استثناء قطعة من الأرض يختص بها العامل أو رب الأرض، وهو غير ما نحن فيه من اشتراط مقدار معين كلي من الحاصل، لأحدهما الذي قد عرفت عدم منافاته للإشاعة، حتى لو كان لأحدهما، بناء على أنه كاستثناء الأرطال المعلومة في بيع الثمار، مع أنه قد يمنع عدم جواز ذلك أيضا، إذا كان بطريق الشرط خارجا عن أرض المزارعة، لعموم الأدلة وإطلاقها، ولعل منه ما في أيدي الناس الآن من اشتراط الشكارة المختصة بالسر كار أو الفلاح أو غيرهما، ومن ذلك كله يظهر الوجه فيما ذكره المصنف بقوله.