وكان المرجع الديني " الحجة " ثابت على موقفه المخالف للموقف السعودي، والحجاج الشيعة في بلبلة وحيرة، ولا يدرون ما يعملون، حتى حل وقت العصر من يوم عرفة وضاق الوقت، وجاء من يخبرني بأن " الحاج محمد الشاكري " - يعني المرحوم والدي - يدعي رؤية الهلال وسوف يقف مع الموقف السعودي، فقلت للذي أخبرني: إذا كان حقا ذلك فإن شهادته عندي بشهادتين، إذهب وابحث عنه لعلنا نجد عنده الجواب الشافي، فذهب يبحث عنه فلم يعثر عليه ولم يرجع المخبر، فازدادت حيرتي، واشتد قلقي، ومالت الشمس إلى المغيب، وأنا غارق في بحر تفكيري، حيران ذاهل عن التوجه والتضرع في الدعاء تلك الساعة الفريدة وأقول: إلهي ما العمل؟ عند ذلك توجهت إلى الكعبة المشرفة، ودعوت الله سبحانه وتضرعت إليه مناجيا ربي: إلهي نحن ضيوفك هذه الليلة، ونريد أن نتفرغ لعبادتك ومناجاتك والتقرب إليك، وأنت تعلم ما في نفسي، لا تسلبني مناجاتك والتوجه إليك، إلهي أين أجد الآن " الحاج محمد الشاكري " في هذا البحر المتلاطم بأمواج الحجيج، لأسأله؟!
ويحلف (قدس سره) قائلا: ما إن أتممت دعائي والتفت خلفي وإذا " بالحاج الشاكري " أمامي، فتعانقنا وتصافحنا، ثم قلت له: سمعت من ينقل عنك إنك رأيت الهلال وثبت عندك الموقف مع السعودية؟!!
قال: معاذ الله: ما قلت ذلك أبدا، وسوف أقف الموقف الاضطراري. واتفقنا معا، ووقفا الموقف المطلوب الصحيح. رحمهما الله تعالى.
كنت معجبا بشخصية العلامة الأميني (قدس سره) الفذة منذ صباي، وقبل أن أعرف نفسي، وكنت أزوره في مكتبته، التي هي عبارة عن غرفة مستقلة من داره البسيطة المتواضعة، فأجده غارقا في بحر متلاطم من الكتب في العلوم، والمعارف، والمفاهيم الإسلامية، وغائصا في أعماق التاريخ من خلال المصادر، والأسانيد والموسوعات العظيمة المحيطة به.
وكلما تقدم الزمن وعرفت نفسي انفتحت لي منافذ جديدة على شخصيته