والأخيرة هي المكتبة الوحيدة العامة في النجف يوم ذاك، وكان شيخنا الوالد (رحمه الله) يكثر التردد إليها، للاستفادة من كنوزها، ولما رآى أن من العسير عليه التزود من تراث تلك المكتبة الأثرية، لكونها في زاوية حسينية معرضة لإقامة الحفلات في المواسم الدينية، واجتماع الناس بها لتشييع الجنائز أو للتأبين في أكثر الأوقات، وهذا ما يحول بينه وبين المطالعة، فلم ير بدا سوى الذهاب إليها ليلا، فأخذ يؤمها في أول الليل ومعه قوته ويدخل المكتبة ويغلق مديرها الباب عليه، فيبقى بها طول الليل ساهرا بالمطالعة والاستنساخ، ولم يعلم بالوقت الا حين يفتح له الباب لأداء فريضة الصبح، ثم يعود إلى الدار حيث العمل بالمكتبة الخاصة.
واستمر على هذا مدة حتى وقف على كل كبيرة وصغيرة من كتب تلك الخزانة القديمة.
وبعد أن قضى وطره من مكتبات النجف الأشرف، أخذ يتجول في مدن العراق، فوقف في كربلاء على ما تضمه:
خزانة المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني.
ومكتبة المرحوم الخطيب الشيخ محسن أبو الحب الحائري.
ووقف على بعض المخطوطات الأثرية في البيوتات القديمة.
وفي الكاظمية وبغداد اطلع على جل ما تحويه:
مكتبة المرحوم آية الله السيد حسن الصدر الكاظمي، المتوفى 1354 ه.
ومكتبة المرحوم الشيخ مهدي ابن الحاج حسن كبة.
ومكتبة السيد عيسى العطار.
ومكتبة الوجيه الشيخ محمد رضا شالچي موسى (الخالصي).
ومكتبة حسينية آل الحيدري.
ووقف في سامراء على المحتويات العلمية النفيسة لمكتبة المرحوم الحجة الشيخ الميرزا محمد العسكري الطهراني، المتوفى 1371 ه، واطلع على التراث العلمي في غير هذه من مكتبات بغداد والحلة والبصرة العامة والخاصة.
وبعد ان استوعب العلامة الأميني (قدس سره) معظم ما في المكتبات في المدن المذكورة