مؤلفه العلامة الأميني بين ظهرانينا، ولم نر أنه بمفرده قام بهذا العب ء الفادح لكان مجالا لحسبان أن الكتاب أثر جمعية تصدى كل من رجالها لناحية من نواحيه.
فيحق على الملأ الديني أن يعرفوا للمؤلف فضله الظاهر، ويده الواجبة المسداة إليهم، وجميله الوافر، وإحسانه البليغ، وأن يعدوا الكاتب والكتاب في الطليعة من مفاخرهم، وأن يقدروا له ما عاناه في سبيل تأليف كتابه الضخم الفخم من متاعب، وما صرفه في ذلك السنن اللاحب من نقود أوقاته الثمينة، فجاء بكتاب مبين لا ريب فيه هدى للمتقين.
ولا بدع إن جاء الكتاب نسيج وحده، فإن مؤلفه ذلك العلم المفرد الذي تقصر عن مجاراته الأقران، فإليك من الكتاب سلسلة حقائق ودقائق من الدين والمذهب تنضوي إليها طرف جمة من العلم والأدب.
ولئن وقفت على هذه الموسوعة الكريمة تجد نفسك على ساحل عباب متدفق لا ينزف، ولا تنكفئ عنها إلا وملء ذاكرتك معارف إلهية، وحشو فاكرتك تعاليم قدسية، وبين عينيك مجالي قوله تعالى: * (الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) *.
ولعمر الحق ان في الكتاب دروسا ضافية لكيفية البحث والنقد والإتقان فيهما والمحاكمة التاريخية بين القضايا، وتمييز الصحيح من السقيم في الفقه والتفسير والحديث والرجال، فلا أحسب من المغالاة لو قلت: إنه الحجر الأساسي لهاتيك المعالم كلها، أو أنه المدخل الواسع إلى مدينة العلم والعمل، ولا غرو فالمؤلف في كل كتابه مستمد من باب مدينة العلم أمير المؤمنين الذي يقله مشهد القداسة في النجف الأشرف صلوات الله وسلامه عليه، والغائص في البحر لا يعدم اللآلي الثمينة، فحياه الله وبياه، والسلام عليه وعلى من حذا حذوه، ورحمة الله وبركاته.
الأحقر عبد الهادي الحسيني الشيرازي