والقضاة والشيوخ، وأحضروا شيخنا المترجم وقرئ عليه المحضر، فأنكر ذلك كله، فلم يقبل الملك قيل له: قد ثبت ذلك عندنا ولا ينتقض حكم القاضي، فقال الشيخ: الغائب على حجته فإن أتى بما يناقض الحكم جاز نقضه، وإلا فلا، وها أنا أبطل شهادات من شهد بالجرح، ولي على كل واحد حجة بينة، فلم يسمع ذلك منه ولم يقبل، فعاد الحكم إلى المالكي، فقام وتوضأ وصلى ركعتين، ثم قال: قد حكمت بإهراق دمه، فاكسوه اللباس، وفعل به ما قدمناه من القتل والصلب والرجم والإحراق.
ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
وممن تعصب وساعد على إحراقه رجل يقال له: " محمد الترمذي "، وكان رجلا تاجرا يحقد على شيخنا الشهيد.
وللمؤرخ أبي الفلاح عبد الحي بن العماد الجبلي المتوفى سنة 1089 ه كلمة، قال في الجزء السادس من " شذرات الذهب " ص 294، ما يقضي منه العجب:
قال:
وفيها - يعني سنة 786 - قتل محمد بن مكي العراقي الرافضي، كان عارفا بالأصول والعربية، فشهد عليه بدمشق بانحلال العقيدة، واعتقاد مذهب النصيرية، واستحلال الخمر الصرف، وغير ذلك من القبائح، فضربت عنقه بدمشق، في جمادى الأولى وضربت عنق رفيقه " عرفة " بطرابلس، وكان على معتقده.
ويشهد الله والحقيقة وكتب الفقيد الشهيد أنه براء من تلكم النسب وفي منأى عنها، غير أن المؤرخ يتحرى تبرير عمل من ارتكب تلكم الجريرة بنحت أعذار مفتعلة.
هذه خلاصة ما ارتكبوه من الجرائم والفضائع في هذه الفاجعة، بحق الشهيد، وما تشبثوا به مما يبرر أعمالهم عند زبائنهم، وتنفيذ حقدهم.
وكان أشدهم حنقا عليه القاضي " ابن الجماعة " منذ المناظرة التي جرت بينهما، ومن جرائها كانت تلكم الهلجات، وقام الهوس والهياج من رعاع الناس