فرحل طلايع إلى مصر، وأخذ أمره في الرقي، فلما قتل نصر بن العباس الخليفة الظافر إسماعيل استثارت نساء القصر طلايع لأخذ ثاراته بكتاب في طيه شعورهن، فحشد طلايع الناس يريد النكبة بالوزير القاتل، فلما قرب من القاهرة فر الوزير ودخل طلايع المدينة بطمأنينة وسلام، فخلعت عليه خلع الوزارة، ولقب بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين، فنشر الأمن وأحسن السيرة، واستقل بالأمر لصغر الخليفة " الفائز " وقام بالأمر العاضد لدين الله ابن محمد، وكان صغيرا لم يبلغ الحلم، فعظمت شوكة طلايع، وقوى مراسه، وازداد تمكنه من الدولة، فبهض ذلك أهل القصر، فوقف رجال منهم بالدهليز - الذي يمر منه - وضربوه بأسيافهم حتى خر على وجهه، وحملوه جريحا لا يعي إلى داره، فقضى نحبه يوم الاثنين التاسع عشر 19 من شهر الصيام سنة 556 ه، ودفن في القاهرة بدار الوزارة، ثم نقله ولده العادل إلى القرافة الكبرى.
ويروى أنه لما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها، قال: هذه الليلة ضرب في مثلها الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأمر بقراءة مقتله، واغتسل وصلى مائة وعشرين ركعة أحيا بها ليله، وخرج ليركب فعثر وسقطت عمامته، فاضطرب لذلك وجلس في دهليز دار الوزارة، فقال له أحد أصحابه: إن هذا الذي جرى يتطير منه، فإن رأى مولانا أن يؤخر الركوب فعل، فقال: الطيرة من الشيطان، وليس إلى التأخير سبيل، ثم ركب فكان من أمره ما كان.
هذا خلاصة ما ذكره المقريزي من حديث قتله.
وذكر ابن خلكان صورة مقاربة بلفظ آخر.
وقال الفقيه أبو محمد عمارة اليمني (1) يرثيه بقصيدة هذا مطلعها:
أفي أهل ذا النادي عليم أسائله * فاني لما بي ذاهب اللب ذاهله