في مجلسكم، ولا يجري اللسان على تقريرها في حضرتكم لأجل المهابة والجلالة. فقال الامام عليه لسلام: إذا رخصتكم بشئ فلا مجال للتوقف في الأداء.
فشرع هشام مع كمال الاطمينان في عرض الواقعة، وقال: لما بلغني أن عمرو بن عبيد في مسجد البصرة يدعي تعض المراتب ويتكلم بطريق أسلافه في الإمامة وغيرها من المسائل الكلامية، وتوجهت إلى البصرة، فوصلت إليها يوم الجمعة وأتيت إلى المسجد، فرأيت أن عمرو بن عبيد لبس شملة من الصوف الأسود، وشملة أخرى جعلها رداءا له، وصف في دوره جمع ويسألون عنه المسائل العلمية.
فانفتحت الصفوف وجلست في امامه مؤدبا. فسألت منه أيها العالم أنا رجل غريب أتأذن لي أن أسأل مسألة فقال: نعم، فسألت هل لك عين؟ فقال: يا بني أي سؤال هذا يسأل مني؟ قلت: ان مسألتي هذه.
ثم قال: اسأل وإن كانت مسألتك مسألة الحمقاء. فقلت: أجبني عن ذلك السؤال، فقال: نعم لي عين. فقلت: أي شئ بها تراه؟ قال: الألوان والاشخاص. ثم سألت هل لك أنف؟ قال: نعم فقلت: أي شئ تعمل به؟ فقال: نستشم الرائحة به. ثم سألت هل لك فم؟ قال: نعم فقلت: أي شئ تعمل به؟ قال: ذقت به طعم الأغذية.
ثم سألت هل لك قلب؟ قال: نعم. قلت: أي شئ تعمل به؟ قال: تميزت به كلما يورد على الأعضاء المذكورة. فقلت إن هذه الأعضاء بريئة غير محتاجة إليه أم لا؟
فقال: لا. فقلت له: كيف تحتاج هذه الأعضاء إلى القلب؟ مع أن لها قوى مدركة حاسة للذوق والشم والبصر، وتكون صحيحة سليمة.
فقال: يا بني لو حصل لي شك فيما بصرت وذقت وشممت رجعت إلى القلب، فيحصل لي اليقين ويرتفع ويزول الشك. فاذن قلت: ان الباري تعالى خلق القلب لتميز شك الجوارح للخلق؟ فقال: نعم.
فقلت: لا جرم فوجود القلب لازم لرفع شبهة الجوارح؟ فقال: نعم.
فقلت انكم تزعمون أن الله تعالى لم يخلو هذه الجوارح من امام ترجع إليه