بن شعبة.
ومنها: أن أبا حنيفة وأبا جعفر مؤمن الطاق يمشيان في الكوفة، فإذا صائح يصيح ويقول: من يدلني على صبي ضال، فقال أبو جعفر مجيبا له: اما الصبي الضال فلم أره، وأما الشيخ الضال فان تطلبه فهذا، وأشار إلى أبي حنيفة.
ومنها: أن أبا حنيفة بعد وفاة الامام أبي عبد الله عليه السلام جاء عند مؤمن الطاق وقال له شماتة: مات امامك، فقال: نعم ولكن امامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.
وقد كان له مناظرات لطيفة أيضا مع ابن أبي جدرة الذي كان مثل أبي حنيفة في الضلالة والعداوة لأهل بيت النبوة في الأفضلية وأحقية أمير المؤمنين عليه السلام وقد نقل عن أبي خالد الكابلي أنه قال: رأيت أبا جعفر مؤمن الطاق يناظر مع جمع من أهل المناظرة في مسجد المدينة، فدنوت منه وقلت له: ان الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قد نهانا عن التكلم مع هذه الاشخاص، فقال: ان الإمام عليه السلام قد أمرك أن تنهاني؟ فقلت: لا ولكن أمرني أن لا أتكلم مع المخالفين.
فقال: اذهب وأطع ما أمرك، فذهبت إلى الإمام عليه السلام فأخبرته عن الحال وكيفية الجواب والسؤال، فتبسم الإمام عليه السلام وقال: يا أبا خالد ان صاحب الطاق ان تكلم وناظر معهم فهو كدجاجة وطير لو قطع منه ريشة لم يمتنع من الطيران ويصل إلى مطلوبه، فأما أنت فان قطع ريشك لن تستطيع أن تطير (1).
وهو كناية عن مهارته في المناظرة وكياسته في المباحثة، ذو فطانة قوية مأمون عن الخطل، وان باحث مع كل مخالف لن يضل ولم يضل أحدا، فالمنع من التكلم مخصوص بمن ليس له هذه المرتبة، ويلتبس عليه الامر بأدنى عارض شبهة.
وفي الكافي على ما هو المنقول عنه بالمعنى أن أبا جعفر الأحول قال: إن زيد بن علي عليه السلام في زمان استتاره عن بني أمية مع أن له داعية الخروج عليهم