ثم عاد هشام إلى الإمام عليه السلام ورجع عن مذهبه الباطل إلى المذهب الحق الجعفري، فصار برهة من الزمان فائقا على جميع أصحاب الإمام عليه السلام (1).
وقد روى المفيد في ارشاده والطبرسي في أعلام الورى، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عمن ذكره عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: اني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد جئت لمناظرة أصحابك.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: كلامك من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو من عندك. فقال: من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ومن عندي. فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت اذن شريك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا. قال:
فسمعت الوحي عن الله عز وجل يخبرك؟ قال: لا. قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله؟ قال: لا.
فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي، وقال يا يونس هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم، لو كنت تحسن الكلام كلمه. قال يونس: فيالها من حسرة فقلت: جعلت فداك أني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما قلت ويل لهم أن يتركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون.
ثم قال لي: اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فادخله، قال:
فأدخلت حمران بن أعين، وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسن عليهما السلام، فلما استقر بنا المجلس.
وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم