ثم قال: إن صاحبك في المدينة أخبرني أن في هذا الخروج يقتلونني ويصلبونني في الكناسة، وعنده صحيفة مذكورة فيها وقوع القتل والصلب.
ثم روى أبو جعفر أني في تلك السنة سرت إلى الحج، فلما وصلت إلى خدمة الامام أبي عبد الله عليه السلام أخبرته عن مقالات زيد ومقالاتي معه، فقال المولى:
أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ولم تترك له مسلكا يسلكه (1).
وقد روي أيضا أن الضحاك كان من خوارج الكوفة وسمى نفسه بأمير المؤمنين ويدعو الناس إلى مذهبه، فسار مؤمن الطاق إليه، فلما رآه أصحاب الضحاك وثبوا فأخذوه وأتوا به إلى صاحبهم، فقال له: أنا رجل بصير في ديني وسمعت أنك منصف عدل، فأحببت أن أدخل في أصحابك، فقال الضحاك مع أصحابه: ان هذا الرجل لو كان معنا فينتشر مذهبنا ويقوى ما اخترعناه.
فخاطبه أبو جعفر، فقال له: لم تبرأتم من علي بن أبي طالب عليه السلام وحللتم قتله وقتاله؟ فقال الضحاك: لأنه أخذ حكما في دين الله، ومن أخذ حكما في دين الله فقتله وقتاله حلال.
فقال أبو جعفر: ذاكرني ونبهني من أصول دينك حتى أناظرك، فإذا غلب حجتك على حجتي فنسلك مسلك أصحابك، فالأنسب لتميز الصواب والخطأ أن نعين لكلامنا أحدا حتى يؤدب المخطئ ويصوب المصيب، فأشار الضحاك إلى أحد من أصحابه، فقال: ان هذا حكم بيني وبينك لكونه عالما فاضلا.
فقال مؤمن الطاق: أنت جعلته حكما في دين أريد أن أناظرك فيه؟ قال: بلى، فتوجه مؤمن الطاق إلى أصحابه، فقال: ان صاحبكم أخذ الحكم في دين الله، فلما سمعوا تلك المقالة منه، اجتمعوا على الضحاك فضربوه بالسيف والخشب حتى هلك وأدرك الدرك.