إليه، فكيف يكون مثل هذا تقية؟ لان المراد من الرشد والصواب ما هو في الواقع رشد وصواب، لا من جهة التقية ودفع الضرر، وإلا فجميع ما ذهب إليه العامة يصير رشدا وصوابا. وأيضا إذا كان رشدا و صوابا فلم حكمت بأنه تقية، ومخالف لمذهب الشيعة.؟ الثاني: إنه غير خفي على من له أدنى اطلاع وتأمل أن العامة بأدنى شئ كانوا يتهمون الشيعة بالرفض، وأذيتهم للشيعة إنما كانت بالتهمة غالبا، وهذه كانت طريقتهم المستمرة في الأعصار والأمصار، فكيف يكون الحال إذا رأوا أنهم يفعلون فعلا لا يوافق مذهبا من مذاهبهم ولا يقول به أحد منهم؟ إذ لا شبهة في أنهم كانوا يتهمون بذلك، بل بمثل ترك التكتف في الصلاة كانوا يتهمون، مع أنه مذهب مالك رئيسهم الأقدم الأعظم في ذلك الزمان وغيره.
والأئمة عليهم السلام كانوا يأمرون بمثل التكتف (1) وأدون منه كما لا يخفى على متتبع الاخبار، وكانوا يبالغون في احترازهم عن أسباب التهمة، فكيف كانوا يأمرون بما لم يوافق مذهبا من مذاهبهم.
بل غير خفي أن العامة ما كانوا مطلعين على مذهب الشيعة في ذلك الزمان من الخارج إلا نادرا، وكانوا كلما يرون مخالفا لمذهبهم يعتقدون أنه مذهب الشيعة، ويبادرون بالأذية، وما كانوا يصبرون إلى أن يروا ما يخالف