الحيرة لا أعرف من أي قرية هي، وكان قد استخرج لها عينا يجريها إليها في بئر عملها من حديقته بالحيرة، وتعرف، (قبة الشفيق)، وقد رأيت أنا أثر القناة، وأدركت شيخا كان قد قام له عليها.
وكان سبب استخراجه العين ان بعض أهل زوجته من خراسان ورد حاجا فاشتهى ان يرى الحيرة، فخرج معه إليها، وكان قبة الشفيق أحد الأشياء التي يقصدها الناس للنزهة، وكانت مما تلى النجف، وقبة عضين مما تلى الكوفة، وهي باقية إلى هذا الوقت، ولا أعرف خبر قبة الشفيق هل هي باقية أم لا.
فلما جلسوا للطعام قال الخراساني: ها هنا ماء ان استنبط ظهر ثم ساروا، فرأوا النجف وعلوه على الأرض إلى ما يسفله، فقال: يوشك ان يسيح ذلك الماء على هذه الأرض.
فابتاع سليمان تلك الأرض وجمع منها ما أمكن، ثم عمل استنباط العين، فأنفق عليها مالا، فظهر له من الماء ما ساقه في القناة إلى تلك الأرض وكان له حديث حدثت به فذهب عنى في أمر العين، الا ان الذي رزق من المال كان يسيرا.
فلم تزل تلك الضياع في يده إلى أن مات، ثم خرج ولده كلهم عن قرية منير وعن هذه الأرض التي في النجف، وجمع جدي رحمه الله مع ما خصه من الضيعة في الحواشية بعض أموال إخوته، وكانت تأتيه في ذلك إلى أن مات، وخلفه لي، ولأختي، فلم تزل في أيدينا إلى أن امتحنت في سنة أربع عشرة وثلثمأة وما بعدها، فخرج ذلك عن يدي في المحق وخراب الكوفة بالفتن.
وكانت دارنا بالكوفة من حدود بنى عباد في دار الخرازين في زقان عمرو بن حريث الشارع من جانبيه بقية من بناء سليمان، ودار بناها جدي محمد بن سليمان، ودار بنيتها أنا، ودار اصطبل، ودور للسكان، ليس في الشارع وجانبيه