والجواب أنا نأخذ بالاستصحاب ونقدمه على أصل البراءة، وهذا متفق عليه بين الأصوليين، والرأي السائد بينهم لتبرير ذلك أن دليل الاستصحاب حاكم على دليل أصل البراءة، لان دليل أصل البراءة هو النص النبوي القائل " رفع ما لا يعلمون " وموضوعه كل ما لا يعمل، ودليل الاستصحاب هو النص القائل " لا ينقض اليقين أبدا بالشك "، وبالتدقيق في النصين نلاحظ أن دليل الاستصحاب يلغي الشك ويفترض كأن اليقين باق على حاله، فيرفع بذلك موضوع أصل البراءة. ففي مثال وجوب الصوم لا يمكن أن نستند إلى أصل البراءة عن وجوب الصوم بعد غروب الشمس بوصفه وجوبا مشكوكا، لان الاستصحاب يفترض هذا الوجوب معلوما، فيكون دليل الاستصحاب حاكما على دليل البراءة، لأنه ينفي موضوع البراءة.
(١٩١)