وأيضا فإن الوضع العام والموضوع له الخاص بمفهومه لا يتحقق في المشتقات الاسمية أصلا، وإن فرض صدور وضعها من الواضع بالكيفية التي توهموا كونها كوضع الحروف والمبهمات، لأنه عبارة عن أن يوضع لفظ واحد بوضع واحد عام لعموم آلة الملاحظة للخصوصيات المندرجة تحت آلة الملاحظة على وجه يتكثر الموضوع له على حسب تكثر الخصوصيات مع وحدة اللفظ والوضع.
وغاية ما يلزم من ملاحظة ما كان على زنة " فاعل " ومن قام به المبدأ على الوجه الكلي فيهما ثم وضع جزئيات كلي اللفظ لجزئيات كلي المعنى - كما زعموه - أن يوضع " ضارب " لمن قام به الضرب، و " ناصر " لمن قام به النصر، وعالم لمن قام به العلم وهكذا، وهذا لا يجدي نفعا في كون ذلك بالنسبة إلى " ضارب " و " ناصر " و " عالم " وغيره من الوضع للموضوع الخاص بالمعنى المذكور، لكون كل من اللفظ والمعنى واحدا مع كونه عاما بالقياس إلى ما تحته، لوضوح أن من قام به الضرب وقع موضوعا له للفظ " ضارب " على الوجه، فهذا أشبه بالوضع العام والموضوع له العام، بل هو من أفراده ضرورة أن " ضاربا " في من قام به الضرب ليس إلا " كإنسان " في الحيوان الناطق، وغيره من أسماء الأجناس.
غاية الأمر أن اللفظ والمعنى في الأول لوحظا على وجه الإجمال، وفي الثاني على وجه التفصيل.
نعم إنما يصير " ضارب " مع فرض وضعه على الوجه المذكور من الموضوع بوضع الحروف والمبهمات، لو فرض وقوع وضعه بمقتضى الوجه المذكور لمن قام به الضرب، ومن قام به النصر، ومن قام به العلم وهكذا إلى آخر الجزئيات الإضافية المندرجة تحت كلي من قام به المبدأ، وهذا باطل بضرورة من العرف واللغة إذ لم يقل أحد بكون " ضارب " موضوعا لغير من قام به الضرب، ولا أنه يستعمل في غيره على وجه الحقيقة.
لا يقال: هذا كله يرد على الأفعال التي بنيت فيها على الوضع العام والموضوع