الأمر الثاني: أن الحيثيات المذكورة الملحوظة مع الذوات المتعينة في الخارج في وضع الأسماء المذكورة لا مدخلية لها في تعيناتها الخارجية، لوضوح أن التعين عبارة عن التشخص اللاحق بالماهية بواسطة المشخصات، وهذه الحيثيات اعتبارات زائدة عليه، وحيث إن هذه الأسماء كالأعلام من المعارف فالحيثيات المذكورة لا مدخلية لها أيضا في معرفة الذوات المأخوذة في وضعها، التي مناطها المعهودية والحضور الذهني زيادة على التعين والتشخص الخارجي، ضرورة أن المعرفة والمعهودية تلحق الذوات بأسباب أخر، كتقدم الذكر في ضمير الغائب، والحضور الخارجي في كل من ضميري المتكلم والمخاطب، لحضور كل منهما لصاحبه ويوجب ذلك معرفته ومعهوديته، والحضور الخارجي أيضا في اسم الإشارة، والخصوصيات الخارجية التي منها الحضور أيضا في الموصول.
ولا ريب أن الغيبة والخطاب بمعنى توجيه الكلام والتكلم بمعنى الحكاية عن النفس، والإشارة والصلة بمعنى الفاعلية أو المفعولية المستفادة، كلها اعتبارات زائدة على معرفة الذات ومعهوديتها، لوضوح سبق لحوق المعرفة والمعهودية على لحوقها، كما يرشد إليه أيضا أنها والأعلام متشاركة في المعرفة والدلالة بالوضع على شئ بعينه على معنى المعين عند المتكلم والمخاطب، ومتمايزة في الإطلاق بالقياس إلى الحيثيات المذكورة وعدم ملاحظتها مع الذوات المعينة والتقييد بها أو ملاحظتها معها، فالواضع في وضعها تصور الذوات المعينة المعهودة على الوجه الكلي من حيث الغيبة أو الخطاب أو التكلم أو الإشارة أو الفاعلية أو المفعولية المنساقة من الصلة، فوضع كلا منها لجزئيات كل من هذه المفاهيم الملحوظة على الوجه الكلي من الحيثية المذكورة.
الأمر الثالث: قد عرفت أن الحروف موضوعة للنسب المخصوصة، وبذلك صار المعنى الحرفي غير مستقل بالمفهومية، ويشاركها في ذلك عند جماعة هيئآت الأفعال، لكونها موضوعة للنسب المخصوصة أيضا.
غاية الأمر أن النسبة هنا ملحوظة بين الحدث والذات من حيث كونها فاعلا