قال سيد الأفاضل (1): ويؤيده أن الغرض الأصلي من بيان معاني الألفاظ تصحيح الاستعمال وتمييز الصحيح من الفاسد، وهذا إنما يحصل على تقدير إرادة المصداق لأن اللفظ إنما يستعمل فيه، وأما المفهوم فلا يصح الاستعمال فيه بالاتفاق.
وثانيها: أنها لو كانت موضوعة للمعاني الجزئية لكانت متكثر المعنى، والتالي باطل لحصرهم المتكثر المعنى في المشترك، والحقيقة والمجاز، والمنقول والمرتجل، وهذه خارجة من الأقسام الأربعة، أما عن غير المشترك فظاهر، وأما عنه فلأن المشترك لا يكون إلا بأوضاع متعددة، والوضع فيها واحد.
وفيه أولا: أن ذلك مشترك الورود، بناء على كون المراد بالمعنى في عنوان تقسيم اللفظ والمعنى المستعمل فيه مطلقا لا الموضوع له بالخصوص، لئلا يبطل إدراج الحقيقة والمجاز في المتكثر المعنى، ولا ريب أن المستعمل فيه في هذه الألفاظ متكثر، وإن اتحد الموضوع له على قولهم، فيلزم كونها من متكثر المعنى.
وثانيا: منع الملازمة، وسنده ما تقدم تحقيقه في بحث تقسيم اللفظ والمعنى، من كون هذه الألفاظ باعتبار وحدة الوضع فيها من متحد المعنى على القولين.
وقد أجيب عنه بما لا يكاد يستقيم، من منع انحصار المتكثر في الأقسام الأربع، والتقسيمات المذكورة مبتنية على طريقة القدماء، ولقد عرفت أنهم يقولون بهذا القسم، وأما المتأخرون القائلون بهذا القسم فيلزمهم الزيادة عليها، إلا أنهم راعوا في التقسيم ما فعله القدماء، محافظة على ما استقر عليه اصطلاح القوم في مبادئ العلم، وإنما أشاروا إلى ما هو الحق عندهم في طي المطالب، وفيه ما فيه.
التنبيه على أمور وثالثها: أنها لو كانت موضوعة للجزئيات لوجب استحضار ما لا يتناهى دفعة حين الوضع، لتوقف الوضع للمعنى على تصوره، والتالي باطل جزما لتعذر استحضار ما لا يتناهى، أو تعسره أو لزومه اللغو.