بينة ولا مبينة ولا مسلمة للجميع، فتفريع الخلاف عليها مجرد دعوى لا شاهد لها.
واعترض عليه أيضا (1): بأنه لو صح البناء المذكور فالواجب أن يزاد في المسألة قول ثالث، هو أن اللفظ في الموجود الخارجي موضوع لما هو موجود في الخارج وفيما عدا ذلك للأمر الذهني، فإن الظاهر من كلام صاحب المحاكمات أنه قال بذلك في مسألة المعلوم بالذات.
وقد رجحه أيضا بعض المحققين مدعيا رجوع الإطلاقين إلى هذا التفصيل، وأن النزاع في المسألة لفظي، قال: وكيف يتوهم في شأن المحقق الطوسي والإمام الرازي وأمثالهما من القائلين بأن المبصر هو زيد الخارجي، أنهم ذهبوا إلى أن المعلوم في غير الموجودات الخارجية هو الموجود الخارجي، فالظاهر أن مرادهم أن المعلوم بالذات هو الموجود الخارجي في الموجودات الخارجية لا مطلقا، فينطبق على التفصيل المذكور، وكذا يبعد من الشيخ والفارابي وأحزابهما القول بأن الألفاظ موضوعة للصور الذهنية مطلقا، فلو صح أن الخلاف في الوضع متفرع على الخلاف في المعلوم بالذات، فالظاهر أن المراد كون الصورة معلومة بالذات فيما لم يكن ذو الصورة موجودا في الخارج، فينطبق على التفصيل أيضا، ويصير النزاع بين الفريقين لفظيا في كلتا المسألتين، إلى آخر ما ذكر.
وفي التفصيل في مسألة الوضع ما لا يخفى، وكذلك التفصيل في مسألة المعلوم بالذات، فإن التحقيق فيها أنه إن أريد بالمعلوم بالذات ما يحصل في نفسه في الذهن، فلا ينبغي التأمل في كونه الصورة لا غير، لاستحالة حصول ذي الصورة بعينه فيه، ولذا أخذت الصورة في مفهوم العلم التصوري، ففسر تارة بحصول صورة الشئ في الذهن، وأخرى بالصورة الحاصلة من الشئ عند العقل، وإن أريد به ما هو المقصود بالأصالة من العلم بالمعنى المذكور، فلا ينبغي التأمل في أنه ذو الصورة وأن الصورة يعتبر حصولها في الذهن آلة لملاحظته، ولذا