ومن هنا اتضح ضعف ما في كلام بعض الأفاضل (1) من ذكر وجوه أربع للقول بوضعها للأمور الخارجية، مع اختياره هذا القول في وجهه الرابع:
أحدها: اعتبار الوجود الخارجي، على أن يكون جزءا للموضوع.
وثانيها: اعتباره على أن يكون قيدا خارجا عنه، مع دخول التقييد فيه.
وثالثها: اعتبار الوضع للمفاهيم باعتبار وجودها الخارجي ومن حيث تحققها كذلك، على معنى كون الموضوع له نفس تلك المفاهيم بهذه الملاحظة، أعم من أن تكون موجودة في الخارج فعلا أو لا.
ورابعها: اعتباره لها من حيث كونها عنوانات لمصاديقها في الواقع، سواء كان من شأن مصاديقها أن تكون خارجية أو ذهنية أو أعم منهما، ولو كان تقديريا كما في الممتنعات، ثم أطنب حتى ساق الكلام إلى إجراء هذه الوجوه في القول بوضعها للمعاني الذهنية، فإن هذا كله كما ترى خروج عن وضع المسألة حسبما دونه الأساطين، منشؤه ما نبهنا هنا عليه من الغفلة عن حقيقة مرادهم.
وأضعف منه ما عرفته عن بعض أجلة السادة (2) من دعوى إمكان رجوع القول بالماهية إلى ما اختاره من التفصيل، فإن جميع المعاني بالقياس إلى ألفاظها الدالة عليها - بالنظر إلى ما قررناه في معنى النزاع - على حد سواء، لجريان احتمال كون وضعها لأعيان المعاني كلية أو جزئية خارجية أو ذهنية بالوجه الثالث من التوجيهات المتقدمة، أو لصورها المرتسمة في الأذهان، ولا يعقل فيه التفصيل على الوجه الذي اختاره كما هو واضح.
وأضعف من الجميع، ما عن بعضهم من القول بأن من قال: بأن الألفاظ موضوعة للأمور الذهنية إنما أراد بالصور الذهنية الماهية من حيث هي، فإنه قد يطلق عليها اسم الصورة، تعليلا بأنه لو كان النزاع في الصورة الذهنية بمعنى المعلوم لم تنهض الدلائل التي ذكروها على إفادة المدعى، إذ لا يلزم من عدم