صح أن يقال - بعد حصول صورته في الذهن -: عرفته أو علمته أو أدركته، أو تصورته بإضافة العلم والمعرفة والإدراك والتصور إلى ذي الصورة نفسه، ومن هنا أيضا يتعلق به الأحكام المترتبة عليه المشروطة بالعلم، ولا يتفاوت الحال بين ما له مصداق في الخارج وما لا مصداق له فيه، لأنه يفرض له المصداق من الموجودات الخارجية كالصنم بالقياس إلى شريك الباري مثلا.
ثم إن مسألة الوضع لدوران الأمر فيها بين المتبائنين لا يجري فيها أصل، لأن الحادث لا يتعين بالأصل.
والتمسك بالأصل النافي لاعتبار أمر زائد على أصل المعنى في الموضوع له، وهو الوجود بأحد قسميه.
يزيفه: ابتناؤه على توهم رجوع النزاع إلى أخذ الوجود خارجا أو ذهنا في مداليل الألفاظ باعتبار الوضع، على معنى كون المأخوذ في الوضع ما دخل فيه الوجود خارجا أو ذهنا، وقد بينا بما لا مزيد عليه أنه بمعزل عن التحقيق.
ثم المعتمد بل الحق الذي لا محيص عنه، كون الألفاظ بأسرها الموضوعة لجواهر المعاني وأعراضها، بجميع أصنافهما، كلية وجزئية، موضوعة للأمور الخارجية، على معنى حقائق المعاني وأعيانها التي ترتسم صورها وتنطبع أشباهها في الأذهان.
لنا: تبادر الأمور الخارجية بهذا المعنى من الألفاظ عند إطلاقها من دون أن يسبق الذهن إلى صورها المنطبعة في الأذهان تفصيلا ولا إجمالا، مضافا إلى عدم صحة السلب عن الأمور الخارجية وصحته عن الصور الذهنية، فلا يصح سلب " الأسد " عن الحيوان المفترس من حيث إنه أمر واقعي، مع صحة سلبه عن صورته المرتسمة في الذهن، ولا سلب " الماء " عن الجسم الرطب السيال من حيث إنه أمر واقعي، مع صحته عن الصورة المائية المنطبعة في الأذهان.
وهذا كله آية أن المأخوذ في وضع الألفاظ إنما هو الأمور الواقعية دون الصور الذهنية، هذا مع أنه المركوز في أذهان آحاد العرف قاطبة، فإنا بعد مراجعة